الحدث بريس: محمد المهدي.
تاوريرت / 2 يونيو 2019.
إن التجربة الحزبية والديمقراطية بالمغرب،لم تعد تتحمل إساءة أخرى،تُضاف إلى الإساءات الكثيرة التي طالتها منذ الاستقلال وإلى أيامنا هذه،خاصة أن المخزن بكل مكوناته،يُجهدُ نفسه من أجل تزيينها وتمجيدها،ووصفها بالريّادة والتفرّد في محيط إقليمي،يطبـعــه التسلّط والطّغيان واحتكار السلطة من قِبل الحزب الواحـد أو الشخص الواحــد.
ان الاحزاب بكل تشكيلاتها قد ساهمت بقصد او عن غير قصد في الاساءة الى الحياة السياسية بالمغرب، وذلك بقبولها الدخول منذ البداية في “لعبة” غير مضمونة و معروفة النتائج مسبقا، بفعل الاصطفاف السياسي و الايديولوجي الذي ساد في فترة معينة من تاريخ البلاد ، و نتيجة الاحتقان الاجتماعي و السياسي بين من يعتبر نفسه حاميا لكيان الدولة من منطق الإراثة الشرعية و التاريخية ، وبين من يعتبر نفسه المحرر والمجدد من منطلق الشرعية الجهادية او النضالية اثناء فترة المقاومة و التحرير، حيث ظل التجاذب بين الطرفين حائلا دون تثبيت حياة سياسية ديموقراطية حقيقية ، الشيء الذي خلق جوا من فقدان الثقة بين الطرفين .
اما من جهة المخزن، فقد راهن مهندسوا السياسة آنذاك على مجموعة من النخب من اجل التصدي لمواجهة المد اليساري المتنامي حينئذ، وبالفعل.. عمل هؤلاء على بلقنة الساحة السياسية بتفريخ العديد من الكيانات السياسية و الجمعوية ذات الارتباطات المصلحية أو العضوية بالمخزن من جهة، او عبر تفتيت الأحزاب الكبيرة التي كانت تشكل خطرا على اطروحة المخزن ، بل كانت تنازعه الشرعية على الحكم . وبالتالي شهدت الساحة انشقاقات متتالية من داخل هذه الأحزاب ، سواء الاشتراكية اليسارية كالاتحاد الوطني للقوات الشعبية أو الليبرالية اليمينية كحزب الاستقلال .
وبعد ذلك توالت الولادات القيصرية للكيانات السياسية الى درجة لم يعد المواطن يعرف لا عددها ولا حتى بوجودها اصلا، تطفو في المواسم الانتخابية من اجل التشويش و تشتيت الاصوات و السمسرة فيها مقابل اموال مدفوعة مسبقا من مهندسي الخريطة السياسية ، وبعد انتهاء الموسم الانتخابي تعود لتدخل في بيات سياسي طويل الى موعد اخر .
إلا أن هذه “الدكاكين” السياسية المصطنعة ، تبين انها مجرد قنوات للاستفادة من الريع بالنسبة للبعض و لا علاقة لها بالمواطن ولا بالوطن، فقد اثبتت التجارب انها اصبحت متجاوزة وغير ذات جدوى ، وان المواطن فقد الثقة فيها ، بل في العملية السياسية برمتها، فقد أظهرت الانتفاضات الشعبية العفوية المتتالية ان الشارع تجاوز تلك الاحزاب لم يعد ينتظر منها الكثير حيث فشلت في تأطير و توجيه الجماهير الغاضبة ،ثم ان الشعب ما فتأ يؤكد فقدانه للثقة في الطبقة السياسية برمتها بعزوفه المتكرر والمتزايد عن العمليات الانتخابية الاخيرة، الشيء اصبح يشكل تهديدا حقيقيا لأي بناء سليم للدولة الحديثة وتبخيسا لمؤسساتها .
لذلك،فقد أدرك المخزن متأخرا حجم السقطة التي أوقع فيها نفسه ودفع الأحزاب السياسية إلى الوقوع فيها.
إن أي إساءة مقصودة من المخزن للمؤسسات ومنها الأحزاب التي تم إفراغها من مضمونها الحقيقي، بقصد التحكم فيها وتوجيه العامة من خلالها، إن ذلك وان كان سيبدو مخططا متحكما فيه للوهلة الأولى،إلا أنه سيرتد على المخزن نفسه ليسمه هو أيضا بالضعف والوهن والفراغ المبين .. حيث سيفقد المخزن هيبته وتنفلت من بين يديه مخرجات العملية السياسية والاجتماعية معا،مما سيفسح المجال أمام تنامي الطفيليات السياسوية المقيتة، والحزبية الضيقة المبنية على التعصب المذهبي أو العشائري أو العنصري، كما يخلق البيئة المناسبة لبروز دعوات التطرف والإرهاب يسار أو يمينا .
مزيد من التالق زميلي المهدي
تحية للكاتب على تناوله هذا الموضوع بشكل ينذر فيه إلى قرب وقوع كارثة على البلاد و العباد في حالة عدم التراجع عن النظرة الدونية للشعب و الاستمرار في التمثيل و تنظيف الواجهلت مع اعتقال خيرة شباب الوطن . فالحل رغم أنه لم يذكر علنا و لكن ضمنيا وجب القطع مع الماضي و مع شركاء الماضي و اعتبار الشعب هو الشريك الأساسي و العمل على تعديل الدستور حيث يضمن قضاء عادلا محاسبا مستقلا استقلالا كاملا عن بقية المؤسسات و تغيير مدونة الانتخابات بشكل ترضي النخب الثقافية و الجمعوية و المدنية .و اطلاق كافة المحتجزين ، و اطلاق منتديات الاصلاح و المصالحة …
هل من المعقول أن تشترط وترتهن قوة الأحزاب بموقف المخزن؟ هل لما كان الاتحاد الاشتراكي على سبيل المثال قويا كان ذلك راجع لرضى المخزن وعدم فعله أي شيء للإضعاف؟ أعتقد يجب الاعتراف رغم مرارته أن الدودة التي أضاعت التفاحة بنخرها هي انتهازية جل متحزبينا بمجرد وصولهم للحكومة ورضوخهم لإغراء الريع السياسي. وشخصيا لا ألوم المخزن لأنه من غير المتوقع أن يراعي مصالح غيره على حساب مصالحه كما يراها هو