شهدت الميزانية العامة للمملكة المغربية في أول شهرين من عام 2025 تطورًا لافتًا على صعيد العجز المالي، حيث بلغ العجز 24.7 مليار درهم، أي ما يعادل 2.5 مليار دولار أمريكي، ليكون قد سجل زيادة بنسبة 154% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.
هذا التزايد الكبير في العجز يعكس العديد من التحديات التي تواجه الاقتصاد المغربي في الوقت الراهن، والتي تتطلب تدابير عاجلة لضمان استدامة النمو المالي وتجنب التأثيرات السلبية على الاقتصاد الوطني.
بينما شهدت النفقات العامة زيادة ملحوظة وصلت إلى 31.3%، حيث بلغت النفقات 78.4 مليار درهم بنهاية فبراير 2025، فإن الإيرادات لم تنمو بالوتيرة نفسها. فقد حققت الإيرادات زيادة محدودة بلغت نحو 7.4%، لتصل إلى 53.7 مليار درهم، مما يعكس فجوة كبيرة بين النفقات والإيرادات التي قد تؤثر على قدرة الحكومة في تمويل البرامج والمشاريع التنموية في المستقبل القريب.
زيادة النفقات تعود في جزء كبير منها إلى ارتفاع تكلفة الدين العام وتوسع الإنفاق على السلع والخدمات، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ضغوط متزايدة على المستوى المحلي والدولي.
من جهة أخرى، تبرز الحاجة الملحة للتفكير في حلول تمويلية مستدامة. وتكمن الإشكالية الأكبر في زيادة تكلفة خدمة الدين، والتي تزداد بشكل تدريجي مع تزايد الاقتراض، مما يعمق العجز ويوجه الموارد العامة نحو تسديد الفوائد بدلاً من الاستثمار في المشاريع الإنتاجية والتنموية التي تساهم في تعزيز النمو الاقتصادي.
كما أن النفقات على السلع والخدمات شهدت زيادة حادة، مما يثير تساؤلات حول الأولويات المالية ومدى فعالية توزيع الموارد.
على الرغم من هذه التحديات، ما زالت الحكومة المغربية تأمل في تحقيق أهدافها المالية والاقتصادية لعام 2025، إذ تتوقع تسجيل عجز في الميزانية يبلغ حوالي 58.2 مليار درهم.
هذه التوقعات تعكس أن المغرب لا يزال يعاني من ضغوط مالية كبيرة، قد تؤثر على قدرة الاقتصاد الوطني على الاستمرار في النمو بشكل مستدام. في هذا السياق، يتوجب على الحكومة النظر في إصلاحات مالية هيكلية، مثل تحسين التحصيل الضريبي، وتوجيه النفقات بشكل أكثر كفاءة، بالإضافة إلى العمل على تقليل الاعتماد على الديون.