مع اقتراب نهاية الولاية الحكومية الحالية، يطفو من جديد على سطح النقاش العمومي سؤال محوري: هل تستطيع الحكومة الوفاء بتعهدها الطموح بخلق مليون منصب شغل جديد بحلول عام 2026؟ هذا الالتزام، الذي شكّل أحد أبرز محاور البرنامج الحكومي، يواجه اليوم تحديات واقعية تفرض إعادة تقييم جدية لإمكانية تحقيقه.
في ظل استمرار ارتفاع معدلات البطالة وتراجع مؤشرات سوق العمل، تتصاعد حدة الانتقادات من قبل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، الذين يرون أن الوصول إلى هذا الهدف بات بعيد المنال، خاصة في ظل تباطؤ وتيرة الإصلاحات الاقتصادية وعدم كفاية الاستثمارات في القطاعات ذات القدرة التشغيلية العالية.
وفي موقف لافت يعكس قدراً من الصراحة السياسية، خرج نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال ووزير التجهيز والماء، ليقرّ بصعوبة بلوغ هذا الهدف خلال المدة المتبقية من الولاية. وخلال كلمته في الدورة العادية الثانية للمجلس الوطني لحزب الاستقلال المنعقدة بمدينة سلا، أكد بركة أنه “من غير المقبول تقديم وعود غير واقعية للمغاربة أو تزييف الواقع”، مشيرًا إلى أن “الظروف الحالية لا تتيح خلق مليون منصب شغل في الأفق الزمني المحدد”.
رغم هذا الاعتراف، شدد الوزير على أن الحكومة تواصل جهودها الحثيثة لإحياء سوق العمل من خلال تعبئة الاستثمارات العمومية وإطلاق أوراش تنموية واقتصادية واسعة، بدأت بالفعل تُثمر بعض النتائج الإيجابية. ففي تطور لافت، كشف بركة أن الفصل الأول من السنة الجارية شهد خلق 280 ألف منصب شغل صافٍ، وهو ما يمثل تحسنًا كبيرًا مقارنة بخسارة 80 ألف منصب شغل خلال العام المنصرم.
ويعكس هذا التحسن نسبيًا انتعاشًا في الدينامية الاقتصادية، مدفوعًا بالمشاريع الكبرى التي أطلقتها الحكومة في مجالات البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية، إلا أن العديد من المحللين يرون أن هذا الزخم يحتاج إلى تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية وتحسين مناخ الأعمال، خاصة بالنسبة للمقاولات الصغرى والمتوسطة التي تمثل العمود الفقري للنسيج الاقتصادي الوطني.
ومع اقتراب موعد استحقاقات 2026، يُنتظر أن يكون ملف التشغيل في قلب النقاشات الانتخابية، حيث سيُحاسَب الأداء الحكومي بناءً على النتائج المحققة على أرض الواقع، بعيدًا عن الشعارات. وبينما يترقب الشباب والباحثون عن العمل انفراجًا حقيقيًا، يبقى الرهان الأكبر هو الانتقال من النوايا الحسنة إلى السياسات الفعالة القادرة على خلق فرص عمل مستدامة تحفظ كرامة المواطن وتستجيب لتطلعاته.