بفضل الرعاية المولوية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وتنفيذا لتعليماته السامية الهادفة إلى اتخاذ التدابير العاجلة لفائدة الساكنة والمناطق المتضررة من الزلزال الذي عرفه إقليم الحوز يوم 8 شتنبر 2023 وخلف خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات، وتضررت بسببه عدد من المناطق المجاورة، ونظرا للطابع الاستعجالي والضرورة الملحة وغير المتوقعة لما خلفه الزلزال المذكور، صادقت الحكومة المغربية على مشروع مرسوم تحت رقم 2.23.811، بتاريخ 24 صفر 1445 (10 شتنبر 2023)، يقضي بإحداث صندوق خاص لتغطية مخاطر هذا الزلزال، ويهدف إلى اتخاذ التدابير العاجلة لفائدة الساكنة والمناطق المتضررة، وأحدث على إثره حساب مرصد لأمور خصوصية يحمل اسم “الصندوق الخاص بتدبير الأثار المترتبة على الزلزال الذي عرفته المملكة المغربية”.
وقد خصص الحساب المذكور، الذي تم فتحه تحت رقم 126 (126 ABREGE °N)لتلقي المساهمات التطوعية التضامنية للهيآت الخاصة والعمومية والمواطنين، وذلك قصد تحمل العمليات الآتية:
– النفقات المتعلقة بالبرنامج الاستعجالي لإعادة تأهيل وتقديم الدعم لإعادة بناء المنازل المدمرة على مستوى المناطق المتضررة؛
– النفقات المتعلقة بالتكفل بالأشخاص في وضعية صعبة، خصوصا اليتامى والأشخاص في وضعية هشة؛
– النفقات المتعلقة بالتكفل الفوري بكافة الأشخاص بدون مأوى جراء الزلزال، لا سيما فيما يرتبط بالإيواء والتغذية وكافة الاحتياجات الأساسية؛
– النفقات المتعلقة بتشجيع الفاعلين الاقتصاديين بهدف الاستئناف الفوري للأنشطة على مستوى المناطق المعنية؛
– النفقات المتعلقة بتشكيل احتياطات ومخزون للحاجيات الأولية على مستوى كل جهة من المملكة من أجل مواجهة كل أشكال الكوارث؛
– جميع النفقات الأخرى المرتبطة بتدبير آثار هذا الزلزال.
كما أطلقت حملة واسعة بين أوساط المغاربة من داخل أرض الوطن وخارجه تضامنا مع ضحايا الزلزال، ونظمت جمعيات ومنظمات خيرية وأشخاص ذاتيون حملات لجمع التبرعات الضرورية لمواجهة هذه الظرفية الصعبة.
لكن التساؤل، مع ذلك، يظل مطروحا بشأن تفعيل مقتضيات القانون رقم 110.14 الرامي إلى إحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية، والذي تم إصداره يوم 25 غشت 2016 بتعديل وتتميم القانون رقم 17.99 المتعلق بمدونة التأمينات، وتم نشره في الجريدة الرسمية عدد 6502، بتاريخ سبتمبر 2016؟
ذلك، إن النظام المذكور، هو نظام موحد يجمع بين صندوقين اثنين، أحدهما يهم التأمين لفائدة الأشخاص المتوفرين على عقود تأمين وممن أمنوا على هذه الوقائع، وآخر تضامني لفائدة الأشخاص الذاتيين الذين لا يتوفرون على أية تغطية تأمينية. كما يتوخى ضمان حق أدنى لكافة الأفراد في التعويض عن الضرر الذي يلحقهم، سواء من الناحية البدنية أو نتيجة فقدانهم لممتلكاتهم أو لحق استعمال محل الإقامة الرئيسة بسبب واقعة كارثية. أو بصيغة أخرى، تغطية عواقب الواقعة الكارثية التي يمكن أن يتعرض لها الأفراد في المجتمع، بما فيها الزلزال والفيضانات وغيرها من الأضرار التي تمثل كارثة طبيعية.
وعليه، فإذا كان القانون 110.14 المتعلق بإحداث النظام المذكور، قد صدر منذ يوم 25 غشت 2016 بهدف تعويض ضحايا هذه الوقائع، ولا سيما بالنسبة للذين لا يتوفرون على تغطية في مجال التأمين، فإن تطبيقه على أرض الواقع لم يحصل بعد، بالرغم من صدور النصوص التطبيقية للقانون المذكور، وانعقاد الدورة الأولى لمجلس إدارة صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية يوم الإثنين 16 شتنبر 2019 برئاسة رئيس الحكومة.
وتتمثل الخطوة الأولى للحصول على قيمة التعويض عن الخسائر التي تحدثها الوقائع الكارثية وتلحق ضررا بالضحايا، في إصدار إعلان عن حدوث الكارثة؛ حيث نصت المادة 6 من القانون رقم 110.14 على ما يلي:
“يتم الإعلان عن حدوث الواقعة الكارثية، كما تم تعريفها في المادة 3 أعلاه، بموجب قرار إداري يتخذ، بعد استطلاع رأي لجنة تتبع الوقائع الكارثية المحدثة بموجب المادة 9 من هذا القانون، وينشر بالجريدة الرسمية داخل أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ حدوث الواقعة الكارثية. غير أنه يمكن تقليص هذا الأجل بنص تنظيمي.
يحدد القرار المذكور على الخصوص المناطق المنكوبة وتاريخ ومدة الواقعة الكارثية موضوع الإعلان السالف الذكر”.
كما رتب القانون على نشر القرار الإداري الوارد ذكره في المادة 6 أعلاه بالجريدة الرسمية، بشكل حصري، انطلاق عملية تقييد الضحايا في سجل التعداد المشار إليه في المادة 8 من القانون 110.14، وتفعيل الضمان ضد عواقب الوقائع الكارثية، كما هو مشار إليه في المادة 64-1 من مدونة التأمينات، ثم أخيرا مباشرة عملية منح التعويضات من قبل صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية.
لذلك، فالأمل يبقى معلقا على صدور المقرر الإداري أعلاه، ونشره في الجريدة الرسمية في غضون الثلاثة أشهر المقبلة، بدء من يوم الثامن (8) من الشهر الجاري، تاريخ حصول الواقعة.