تعتبر الضيعة البيداغوجية البيولوجية “علي لاند”، التي تم إحداثها بآسفي، تجسيدا واضحا للإلتزام الثابت للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية من أجل القضايا الإيكولوجية و الإستدامة و الحفاظ على البيئة.
و تعد هذه الضيعة البيداغوجية، التي تقع بالجماعة الترابية حد إحرارة، بدوار إرحوحات تحديدا، و تسيرها تعاونية ” Green Hands safi”، مشروعا متكاملا ذا بعد بيداغوجي و بيئي و بيولوجي قوي، يتماشى تماما مع توجه المبادرة و إلتزامها بدعم جميع التعاونيات النشطة في المجالات ذات التأثير القوي على التنمية البشرية المستدامة.
و قد إستفادت هذه الضيعة من تجهيزات بيداغوجية، في إطار البرنامج الثالث للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، المتعلق بـ “تحسين الدخل و الإدماج الإقتصادي للشباب”، و لا سيما محوره الخاص بدعم سلاسل القيمة الواعدة في مجال الشغل و قابلية التشغيل.
و بحسب معطيات لقسم العمل الإجتماعي بعمالة إقليم آسفي، فإن قيمة الدعم المالي الذي قدمته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لهذا المشروع تبلغ 279.000 درهم، في حين تقدر قيمته الإجمالية بـ 396.000 درهم، منها 99.000 درهم يغطيها حامل المشروع.
و تضم هذه الضيعة، الممتدة على مساحة إجمالية تبلغ 5.4 هكتار من الأراضي القابلة للزراعة و الغابات، فضاء طبيعيا أصليا و معتنى به، و زراعة عضوية تعتمد على النباتات العطرية و الطبية و البستنة البيولوجية.
و يتوخى هذا المشروع الصديق للبيئة تعريف الناشئة و الكبار على حد سواء بالأنشطة المرتبطة بالطبيعة و الحياة وسط الضيعة، و الملاحظة و التأثر بالذوق و اللمس و السمع و الشم و البصر، لإكتشاف حرفة الفلاح البيولوجي، و فهم تحديات تثمين و حماية البيئة، و أخيرا، العيش و تقاسم أصالة البادية.
و يطمح أصحاب هذه المبادرة إلى تطوير هذا الفضاء الإيكولوجي بشكل أكبر، مع جعله في متناول الأطفال و الأسر، و المساهمة في الجهود المبذولة لتعزيز التنمية في الوسط القروي.
و تجدر الإشارة إلى أن تعاونية ” Green Hands safi ” شرعت في ممارسة نشاطها سنة 2017 كمجموعة من ملاك الأراضي الفلاحية الذين قاموا بضم أملاكهم لإنشاء الضيعة التي يعملون حاليا على تحويلها إلى ضيعة بيداغوجية.
و بعد أربع سنوات من النشاط في إطار ضيعة بيولوجية، تمت هيكلة هذا التجمع ليأخذ شكل تعاونية في مارس 2021، تستثمر في مجال التنمية القروية من خلال إرساء مشروع الضيعة البيداغوجية “علي لاند”، التي من شأنها تعزيز السياحة البيئية، و تشجيع الفلاحة المستدامة و العضوية، و إستخدام التقنيات الزراعية الحديثة.
و في هذا الإطار، يقدم هذا المشروع العديد من الأنشطة الترفيهية، من بينها إكتشاف طبيعة إستثنائية، و تعريف الزوار بالزراعة العضوية، و إكتشاف النباتات العطرية و الطبية، و تقاسم تقاليد و حياة البادية، من خلال الإستعانة بخبرة سكان الدوار المجاور، فضلا عن تقديم أطعمة بيولوجية، و تذوق الأطباق الصحية و الشهية المعدة بعناية بإستخدام المنتجات المحلية و على الطريقة التقليدية.
و في تصريح للصحافة، قالت السيدة عائشة اشتوي، التي تتولى إدارة التعاونية، أن هذه الضيعة التربوية التي تم إنشاؤها بفضل دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تهدف إلى النهوض بكل ما هو عضوي.
و أضافت أن “إحداث هذه المزرعة كان حلما يعود تاريخه إلى عدة سنوات، سافرت خلالها إلى مناطق عديدة بالمملكة من شمالها إلى جنوبها، و إكتسبت خبرة ضمن هيئات وطنية و دولية، فجاء هذا المشروع إذن كتتويج لهذا المسار بأكمله”.
و أوضحت السيدة اشتوي أن هذه الضيعة توفر فرص شغل لعدة أشخاص، إنطلاقا من مبدأ التنمية المستدامة، مشيرة إلى أن الهدف هو أن يكون لهذا المشروع وقع إيجابي على كافة الدواوير المجاورة، نظرا لإرتباط الساكنة المحلية بشكل كبير بهذا المشروع، لا سيما النساء و فلاحو المنطقة.
و أبرزت أن المشروع يعتمد على مقاربة تشاركية و تنموية تعزز التقاسم و تؤمن بضرورة الحفاظ على الطبيعة و البيئة، مسجلة أن المزرعة طبيعية 100 في المائة، و تعتمد على الزراعة المستدامة بعيدا عن أي إستخدام للمواد الكيميائية.
و أضافت أنه “يتم إستقبال عشرات المدارس و الجمعيات و الهيئات من آسفي، فضلا عن مجموعات من النساء الباحثات عن مكان هادئ للراحة و الإسترخاء”.
و خلصت السيدة اشتوي إلى التأكيد على أن كل هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق بدون دعم العديد من المتدخلين، و لا سيما الدعم المقدم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الذي مكن من إقامة هذه البنية التحتية لإستقبال الزوار في أفضل الظروف.