تعد كاميرات المراقبة واحدة من أدوات الأمان الرئيسية التي يعتمد عليها العديد من الأفراد والمؤسسات في المغرب لحماية ممتلكاتهم وضمان أمانهم.
ومع تطور التكنولوجيا وارتفاع الاهتمام بالأمن، أصبح استخدامها شائعًا في الأماكن العامة والخاصة على حد سواء. غير أن هذا الانتشار الواسع لهذه الأجهزة لم يمر دون وضع إطار قانوني صارم يحكم كيفية استخدامها، بهدف موازنة الضرورات الأمنية مع حقوق الأفراد في الحفاظ على خصوصياتهم.
في المغرب، تفرض القوانين المحلية العديد من الضوابط على استخدام كاميرات المراقبة، ولا سيما تلك التي تهم حماية المعطيات الشخصية. ينظم القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، والتي تتمثل في صور الأشخاص أو مقاطع الفيديو المسجلة.
وفي هذا السياق ، تم إرساء نظام قانوني يمنع استخدام كاميرات المراقبة دون ضمان حقوق الخصوصية.
أحد الجوانب البارزة في هذا القانون هو ضرورة الحصول على ترخيص من اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي (CNDP) عند تركيب كاميرات مراقبة في الأماكن التي يمكن أن تؤثر على الحياة الخاصة للأفراد، مثل الأماكن العامة أو المحلات التجارية.
كما يُلزم القانون أصحاب المنشآت التجارية أو أي جهة تسجل بيانات مرئية للأشخاص، أن يعرضوا إشعارًا واضحًا يُعلم الزبائن بوجود كاميرات مراقبة في محيطهم.
توجد توازنات دقيقة في كيفية استخدام كاميرات المراقبة في المغرب، حيث يتم السماح بتركيب الكاميرات في الأماكن العامة مثل المحلات التجارية والمقاهي، ولكن ضمن شروط دقيقة.
أولاً، يجب أن يكون هنالك إشعار واضح يعِلم الزبائن بوجود المراقبة، مما يعطي الأفراد الحق في معرفة أن كاميرات المراقبة قد تسجل لحظاتهم في تلك الأماكن.
أما في الأماكن الخاصة، مثل المنازل، فإن القوانين تظل مرنة أكثر، حيث يمكن للأفراد تركيب كاميرات مراقبة على ممتلكاتهم الخاصة بدون الحاجة لترخيص، لكن مع ضرورة عدم تجاوز الحدود التي قد تُنتهك فيها خصوصية الجيران أو المارة.
إضافة إلى ذلك، يمنح القانون سلطة للهيئات المعنية، مثل CNDP، لمراقبة مدى احترام هذه المعايير من خلال طلب تصاريح أو التفتيش على بعض المواقع التي قد تُسجل تفاصيل حساسة لحياة الأفراد. وبالتالي، يُعد احترام الخصوصية ضرورة مُلِحّة تفرضها القوانين المغربية على كل من يريد الاستفادة من هذه التقنية المتطورة.
لن يمر انتهاك القوانين الخاصة باستخدام كاميرات المراقبة دون عقوبات. وفقًا للأنظمة المعمول بها، يعاقب الأشخاص الذين يستخدمون كاميرات المراقبة بشكل غير قانوني، سواء من خلال التثبيت دون ترخيص أو من خلال نشر صور أو مقاطع فيديو مخالفة للخصوصية، بعقوبات تتراوح بين الحبس والغرامات المالية. قد تصل الغرامات إلى 200,000 درهم، فيما يمكن أن تمتد فترات الحبس إلى عام أو أكثر، في حالات الانتهاك الخطير.
يُعتبر هذا جزءًا من الجهود الحكومية الرامية إلى ضمان أن استخدام التكنولوجيا في المغرب يظل في إطار ما يحترم القيم المجتمعية المتعلقة بالخصوصية والحريات الفردية.
في خطوة تهدف إلى تعزيز الرقابة على استخدام كاميرات المراقبة وحماية الخصوصية، أعلنت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي في 21 مارس 2025 عن تنظيم جلسات استماع جديدة تتعلق بالحماية القانونية للأفراد في هذا السياق.
و تهدف هذه المبادرة إلى تفعيل آليات إضافية تضمن حماية أكبر لحقوق الأفراد في ضوء التوسع المتزايد لاستخدام هذه التكنولوجيا. كما تسعى إلى مراجعة التشريعات لتواكب التطورات التكنولوجية السريعة التي تشهدها البلاد.
و تُظهر القوانين الجديدة في المغرب حرصًا كبيرًا على حماية الحياة الخاصة للأفراد في الوقت نفسه الذي تشجع فيه على استخدام كاميرات المراقبة كوسيلة فعّالة لضمان الأمن. من خلال ضبط آليات الرقابة وفرض عقوبات على المخالفين، تهدف هذه الإجراءات إلى تكريس بيئة تكنولوجية تُحترم فيها الحقوق الشخصية.
وفي ظل هذه التوجهات القانونية، يبقى السؤال قائمًا حول مدى قدرة السلطات على تطبيق هذه القوانين بفعالية، وضمان أن تظل خصوصية الأفراد في مأمن من التدخلات غير المشروعة.