تعد الرياح العاصفة التي عجلت برحيل عدة أنظمة عربية إبان الربيع العربي والذي أسماه كثير من المتتبعين ب”الخريف العربي” ذلك أنه حصد ولم ينبت بديلا حقيقيا، من الأسباب التي عجلت بتولي حزب العدالة والتنمية الحكم لولايتين متتاليتين بعد تصدره نتائج استحقاقين انتخابيين، حيث حصل عام 2011 على 107 مقعد، وفي عام 2016 على 127مقعدا.
وأمضى حزب العدالة والتنمية خلال هذه العشرية في موقع المسؤولية حاملا خيار الإصلاح ورافعا شعار البناء الديمقراطي بدل النضال الديمقراطي الذي رُفع إبان حكومة التناوب. ودافع بقوة واستماتة كبيرتين عن شعاراته وعن حصيلته الحكومية لولايتين أملا في إقناع الناخبين للتصويت لصالحه، لكن أخطاء الحزب القاتلة حالت دون ذلك.
ولعبت شهوة السلطة وحلاوة المناصب دورا كبيرا في استسلام حزب المصباح عند أول اختبار، فارتكب أخطاء قاتلة هزت كيانه وتحولت أزمته من تنظيمية إلى سياسية فقد على إثرها البوصلة وفقد معها قاعدته الشعبية.
أخطأ حزب العدالة والتنمية عندما تخلى عن مرجعيته وهويته الإسلامية التي كان يميز نفسه بها ويحض قواعده ومناضليه على التمسك بها من أجل تقديم نموذج يصنع الفارق بينه وبين المكونات الحزبية الأخرى في ظل مشهد سياسي أعرج.
لقد كان الشعار الراسخ لحزب المصباح هو صوتك فرصة ضد الفساد والاستبداد، لكن سرعان ما انقلب ضد هذا الشعار إلى النقيض، إذ نهج سياسة كلها فساد، من ريع وزواج للسلطة بالمال، وسياسة عفا الله عما سلف وبدل التصدي للاستبداد طَبَّعَ معه.
كثيرة هي أخطاء الحزب الإسلامي “العدالة والتنمية” التي ساهمت في انتكاسته كتنظيم سياسي وهزت كيانه وعجلت بسقوطه ولعل النتائج التي حصل عليها في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة لخير دليل على فقدانه لمصداقيته.