مقدمة: تعتبر مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه ضمن المصالح الحيوية والمهمة في المديريات الإقليمية التابعة لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة. وتتجلى حيوية وأهمية هذه المصلحة في الأدوار والمهام التي تضطلع بها في إطار مجال تدخلها واختصاصها، إلى جانب امتداداتها التنسيقية مع المصالح الأخرى داخل المديرية الإقليمية ومع كافة المتدخلين والفاعلين الخارجيين (التكوين المهني، جمعيات الآباء، جمعيات المجتمع المدني…). فماهي إذن اختصاصات وأدوار مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه في مجال التوجيه التربوي؟ وماهي معايير والصفات الواجبة أثناء انتقاء المسؤول عن هذه المصلحة؟ وكيف يجب أن يتصرف رئيس مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه ضمن شبكة العلاقات التي تربطه بمختلف مكونات المصلحة، سواء الداخلية أو الخارجية؟
—اختصاصات مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه في مجال التوجيه التربوي:
– إعداد برنامج العمل السنوي الاقليمي المتعلق بالتوجيه المدرسي و المهني و تتبع تنفيذه
– وضع المخطط الإقليمي لتطوير نظام التوجيه المدرسي و المهني انسجاما مع التوجهات الوطنية و الجهوية في المجال وتتبع تنفيذه؛
– المساهمة في إرساء و تقويم نظام التوجيه المدرسي و المهني على المستوى الاقليمي و المحلي و تحسين خدماته؛
– المساهمة في بلورة توجهات الأكاديمية في مجال التوجيه المدرسي و المهني، والسهر على تتبع مدى تنفيذها؛
– ضبط خريطة القطاعات المدرسية للتوجيه و تحديد الحاجيات السنوية من الموارد البشرية؛
– تقديم مختلف الخدمات و العمليات المتعلقة بالتوجيه المدرسي و المهني لمختلف الفئات المعنية بتنسيق مع المصالح المعنية على المستويين الإقليمي و المحلي؛
– تتبع جميع الأنشطة و العمليات المتعلقة بالتوجيه المدرسي و المهني على مستوى الإقليم أو العمالة
– إنجاز الدراسات و البحوث و التجارب في مجال التوجيه المدرسي و المهني قصد المساهمة في تطويره؛
– تتبع عملية إرجاع التلاميذ غير الملتحقين و المفصولين و المنقطعين عن الدراسة، أو إدماجهم في مسار التكوين المهني؛
– تكوين وتدبير بنك معلومات خاص بالدراسات و التكوين و المهن؛
– الإشراف الإداري على أطر التوجيه التربوي المكلفين بخدمات التوجيه المدرسي و المهني بالمؤسسات التعليمية، و تنظيم عملهم و تتبعه و تقويمه؛
– تنسيق تدخلات مختلف الفاعلين في مجال التوجيه المدرسي و المهني على مستوى الإقليم أو العمالة؛
– التنسيق مع المركز الجهوي للتوجيه المدرسي و المهني في القيام ببعض المهام المنوطة به ذات الطابع الإقليمي أو المحلي؛
– حفظ و أرشفة جميع الملفات و الوثائق المتعلقة باختصاصات المصلحة مع العمل على رقمنتها؛
—المعايير والصفات الضرورية أثناء انتقاء رئيس مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه:
لا مراء أن نجاح مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه في وظائفها واختصاصاتها السالفة الذكر يتطلب مسؤولا تتوفر فيه معايير محددة ويتصف بمجموعة من الصفات والمميزات، لذلك، فعلى لجان الانتقاء واسناد المهام مراعاتها أثناء عملية الانتقاء النهائية. وهي كالتالي: الاستحقاق، الكفاءة، الفعالية، النزاهة، الأمانة، المسؤولية، الصدق، اللباقة، التواصل والانصات، الانتماء، التمكن المعرفي والمنهجي والمهني، التكوين المتين في مجال المسؤولية، مسايرة المعارف والتكنولوجيا الحديثة، التوازن النفسي، المروءة والأخلاق الحسنة، التواضع وتجنب الغرور، التحرر من النزعات القبلية والعرقية والتمييزية.
— كيف يجب أن يتصرف رئيس مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه (نصائح وتوجيهات)؟
-على رئيس مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه أثناء زيارته للمؤسسات أن يتجنب التمييز بين المستشارين في التوجيه التربوي، وذلك بالتغاضي عن فئة معينة، وتصيد هفوات ولحظات وقوع مستشارين آخرين لهم مبادئ تتنافى مع التزلف والتقرب والمدح التكسبي لنيل الرضا، خاصة في مجال كله هشاشة وضعف للبنية التحتية مثل غياب النقل ورداءة الطريق، لكون المستشار في التوجيه التربوي لا يتحمل مسؤولية تهميش مجال معين أو غياب النقل إليه.
-على رئيس مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه أن يتجنب الكذب في سياق محدد لحرمان المستشارين في التوجيه التربوي من حقوق ومكاسب مثل نقل المصلحة إلى مؤسسات نائية، ثم ينكر ذلك في سياق مخالف لتلميع صورته أمام ضحايا كذبه وأمام الموالين له.
– على رئيس مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه ألا يدعو إلى اجتماعات رسمية ثم يتغيب عنها أو يغادرها لحظة بدئها بداعي أنه حر في ذلك ولا رقيب ولا سلطة عليه.
– على رئيس مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه أن يتحمل مسؤوليته كاملة في الإشراف الإداري على أطر التوجيه التربوي خاصة أثناء التقويم، بدل رمي كرة التقويم في مراحل حساسة لمصالح أخرى لا تعرف عن قرب عمل وطريقة اشتغال أطر التوجيه التربوي لتوريطها في صراعات مجانية مع المعنيين بالأمر أو لتضييع حقوقهم في الترقية.
-على رئيس مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه أن يعالج نفسه من كل الأمراض النفسية مثل السادية ونزعات الانتقام المرضي، وذلك بعدم الفرح والاستمتاع بحوادث السير التي يتعرض لها أطر التوجيه التربوي على دروب ومنعرجات القطاع المدرسي للتوجيه أثناء أداء مهامهم.
-على رئيس مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه أن يقوم بمهامه كاملة وتحمل تبعات كل تقصير وعدم توريط رؤساء مصالح ومسؤولين أبرياء، لأن المنطق يقتضي التعاون العمودي والأفقي مع مختلف المكونات ومد يد المساعدة للجميع للدفع بعجلة المنظومة التربوية إقليميا وجهويا إلى الأمام، بدل “الحفر” الدائم “والتنقيب” عن الخيبات و”الاستثمار” في اللامعنى.
-على رئيس مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه أن يحارب الأمية في المجالات الأكاديمية المرتبطة بمجال اشتغاله ونطاق مسؤوليته مثل المجال القانوني والنفسي والاجتماعي والتواصلي واللغوي، وأن لا يقتصر على ديبلومات أكل عليها الدهر وشرب. كما يجب عليه استشارة مختص نفساني كلما شعر بعدم توازنه النفسي ونقصه الاجتماعي-العلائقي وكذلك حاجته للمعالجة اثناء الاضطرابات والامراض العارضة والمزمنة.
-على رئيس مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه أن يتخلى عن نزعاته القبلية والإثنية ويراجع جيدا دروس الحداثة الفعلية وما بعدها، ويتفادى كل أشكال العنصرية والتمجيد العرقي الواحد البائد قصد إقصاء بقية المكونات العرقية والقبلية والثقافية بالإقليم.
-على رئيس مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه أن يفي بوعوده المقدمة في الاجتماعات الرسمية. فلا يعقل أن يتم الاتفاق على أمر ما (مثل توفير العدة اللوجستيكية للقوافل الإعلامية)، وبعد ذلك، يتهرب من مسؤوليته ويترك المستشارين في التوجيه التربوي يقتطعون مصاريف ذلك من أجرتهم الشخصية. فالوفاء بالعهود المقطوعة وتجنب الغدر والمراوغة والاستهزاء بأطر المصلحة من صفات المسؤول الناضج.
-أثناء الاجتماعات الرسمية، وعندما يقوم أحد المستشارين في التوجيه التربوي بالتعبير عن رأيه (المخالف لتوجه رئيس المصلحة)، فلا يجب على رئيس المصلحة التلفظ بعبارات صبيانية ودون المستوى لقمع المتحدث أو الانتقاص منه، لأنه، أي المستشار في التوجيه التربوي، قد يكون على حق في موقفه ورأيه، وأحسن بكثير من رئيس من المصلحة (أكاديميا وأخلاقيا واجتماعيا واعتباريا ومعرفيا ومهنيا وسلوكيا وابداعيا …). لذلك، فنضج ولا صبيانية رئيس المصلحة تتجلى في قدرته على معرفة قدر نفسه واحترام الآخرين المخالفين لنزواته التدبيرية والتقريرية.
– على رئيس مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه ألا يهاجم أي مستشار في التوجيه التربوي عبر عن الحقيقة وعن موقفه، بصفات مثل “الاحساس بالنقص” أو “الحاجة إلى المعالجة”، لأن ذلك يتنافى مع صفات المسؤول الإداري الرسمي الممثل لوزارة التربية والتعليم.
-على رئيس مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه ألا ينسف كل المبادرات النوعية التي يقوم بها أطر التوجيه التربوي، خاصة تلك التي تخدم تلاميذ الإقليم، وذلك بوضع عراقيل وترويج مغالطات لإفشالها مادامت لم تصدر منه أو لم يكن هو السبب في بلورتها في إطار إيمانه المرضي “بالتفوق الوهمي”. فالمسؤول الناضج يتخلى الذاتية ويحتضن مصلحة المتعلمين كيفما كانت وأينما صدرت، بدل اعتماد أساليب النسف والإفشال والازدراء والتنقيص والتبخيس.
-على رئيس مصلحة تأطير المؤسسات التعليمية والتوجيه أن يتذكر ماضيه المهني عندما كان يقوم بنفس المهام ويقارن وتيرة عمله البطيئة بوتيرة ونوعية وقيمة عمل أسياده من الجيل الحالي ليرى مقدار التزام وتفاني وجدية وانخراط وانتماء هذا الجيل مهنيا وأخلاقيا، مقابل تقاعسه وكسله وسباته العميق في ماضيه.
مناشدة: المرجو ممن لا يستطيع تقديم إضافة في منصب مسؤولية ما، أن لا يلهث وراء مقدار التعويضات المرصودة والتعطش الأجوف للسلطة، لأن مغرب اليوم والغد، في حاجة ماسة لمسؤولين يقدرون بشدة، المسؤولية الملقاة على عاتقهم… مسؤولون لديهم حس الانتماء الفعلي بكل أبعاده (الوطني، المهني، الوجودي، النفسي، الاجتماعي، الحضاري، المعرفي، التكويني)، ولديهم الرغبة في تجويد وتحسين المنظومة التربوية الوطنية لتحقيق الغايات والأهداف الإصلاحية المسطرة، بدل الاستغراق المرضي في الذاتية والنزوات الفردية والتعصب القبلي والتهور والطيش واللامبالاة والتبخيس.