فوجئت معظم المنابر الصحفية الجهوية بجهة درعة تافيلالت بالتهميش الذي تعرضت له في تغطية فعاليات الملتقى الوطني للتفاح بميدلت، والذي تنظمه وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات تحت إشراف عمالة ميدلت خلال الفترة الممتدة من 16 إلى 19 أكتوبر. إذ لم تتم دعوة هذه المنابر، التي تعتبر جزءاً أساسياً من نسيج الإعلام المحلي، لمواكبة هذا الحدث الهام، ما أثار غضب واستياء الإعلاميين في الجهة.
إقصاء ممنهج وتهميش دائم
إن تغييب الإعلام الجهوي عن فعاليات الملتقى ليس حدثاً معزولاً، بل يأتي في سياق مستمر من إقصاء الصحافة الجهوية من مختلف الأنشطة الثقافية والفنية والاقتصادية التي تشهدها الجهة. فحسب شهادات عدد من الإعلاميين، دأب القائمون على تنظيم التظاهرات بميدلت، وفي جهة درعة تافيلالت بصفة عامة، على استبعاد الإعلام المحلي والجهوي من حضور ومتابعة هذه الفعاليات. ويعتبر هذا التهميش إهانة لمهنة الصحافة وللإعلاميين الذين يعملون على نقل صوت المنطقة ونبضها.
أبدت المؤسسات الإعلامية بالجهة استياءها العارم من الطريقة “الهاوية” التي يدبر بها الشق الإعلامي لهذا الحدث، كما عبروا عن امتعاضهم من “النظرة الدونية” التي يُنظر بها للإعلام الجهوي من طرف المنظمين. فبدلاً من تكريس جهود لتعزيز دور الإعلام المحلي كشريك في تنمية الجهة، تتعمد الجهات المنظمة استقطاب منابر وطنية معروفة على حساب المنابر الجهوية، ما يُثير تساؤلات حول جدوى هذه التظاهرات إذا لم تُمنح منابر الجهة فرصة نقل أصوات الساكنة ومعاناتهم.
خلفية عن الملتقى
الملتقى الوطني للتفاح بميدلت، الذي ينعقد تحت شعار “التنمية المستدامة لسلسلة التفاح بالمناطق الجبلية”، يُعد حدثاً رئيسياً يهدف إلى تعزيز دور التعاونيات والجمعيات الفلاحية وتطوير قدراتها، إضافة إلى دعم المنتجين الصغار. ويُعتبر الملتقى منصة سنوية للتفاعل بين الفاعلين في مجال زراعة وتثمين وتسويق التفاح، إذ يشارك فيه أكثر من 170 عارضاً من مختلف الجهات الفاعلة في القطاع. كما يمتد المعرض على مساحة 5500 متر مربع، ويضم مجموعة من الأقطاب التي تشمل فضاء الاستشارة الفلاحية ومؤسسات وجهات داعمة.
فعاليات فنية بغياب الإعلام المحلي
ورغم أهمية الملتقى على المستوى الوطني والجهوي، ورغم غنى برنامجه الذي يتضمن سهرات فنية يحييها فنانون من مختلف المجالات، من أمثال الشاب بلال، مسلم، بدر سلطان، تشينويت، وغيرهم، فإن تنظيم الحدث شابته مجموعة من الثغرات، لعل أبرزها استبعاد الإعلام المحلي. هذا التجاهل للإعلام الجهوي يُطرح تساؤلات حول ما إذا كان المنظمون على دراية بالدور الهام الذي يلعبه الإعلام في تغطية مثل هذه التظاهرات والترويج لها، خاصة في منطقة مثل ميدلت التي تعاني من تحديات تنموية كبيرة.
شهادات محلية توثق التهميش
بالإضافة إلى تهميش الإعلام الجهوي، أعرب العديد من الفنانين المحليين والشباب العارضين بالمدينة عن استيائهم من تجاهل المنظمين لهم، إذ تم تهميش مشاركتهم رغم كفاءاتهم. كما أبدى نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي استياءهم من تنظيم الملتقى في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها مدينة ميدلت، حيث تفتقر إلى البنية التحتية والخدمات الأساسية في العديد من جماعاتها.
وفي تصريحات لجريدة “الحدث بريس”، أكد عدد من الفنانين المحليين والشباب الذين كانوا يأملون المشاركة في المعرض الفني أن تجربتهم مع هذا الملتقى كانت مخيبة للآمال. إذ كانوا يتوقعون أن يكون للملتقى دور في تسليط الضوء على المواهب المحلية وإبرازها، إلا أن تركيز المنظمين انصبّ على النجوم الوطنية، في حين تم تهميش الفنانين المحليين، ما يُفقد الملتقى جزءاً من قيمته ودوره الثقافي والتنموي.
الإعلام الجهوي شريك في التنمية
في ظل هذا الوضع، يتساءل الكثير من المهنيين في الإعلام بجهة درعة تافيلالت: هل ستبقى هذه النظرة الدونية نحو الإعلام الجهوي مستمرة؟ وهل سيستمر تهميش المنابر الصحفية المحلية في مثل هذه التظاهرات الكبرى، رغم الدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه في نقل هموم الساكنة والترويج للأنشطة الاقتصادية والثقافية المحلية؟
في ختام هذا المقال، ينبغي أن يكون من الواضح للجهات المنظمة أن تجاهل الإعلام الجهوي لا يصب في مصلحة أي طرف، وأن تعزيز التعاون مع الإعلام المحلي سيسهم بشكل كبير في تسليط الضوء على الفاعلين المحليين، والتحديات التي تواجه المنطقة، مما يجعل من الإعلام شريكاً أساسياً في التنمية المستدامة.