يشهد النسيج الاقتصادي المغربي خلال الأشهر الأولى من عام 2025 دينامية ملحوظة على صعيد خلق المقاولات، حيث سجلت وتيرة تأسيس الشركات ارتفاعًا بنسبة 16% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بحسب بيانات حديثة صادرة عن المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية.
ووفقًا للتقارير، بلغ عدد الشركات الجديدة التي تم إنشاؤها أكثر من 20 ألف مقاولة، يمثّل الأشخاص الاعتباريون حوالي 72% منها. وتصدّرت الشركات ذات المسؤولية المحدودة ذات الشريك الوحيد الشكل القانوني الأكثر اعتمادًا، مستحوذة على 65.5% من التأسيسات، تليها شركات المسؤولية المحدودة بنسبة 33.7%.
على المستوى الجغرافي، جاءت جهة الدار البيضاء–سطات في طليعة الجهات المستقطبة للشركات الجديدة، بحصة بلغت 40% من إجمالي التأسيسات، تلتها جهات الرباط–سلا–القنيطرة، مراكش–آسفي، طنجة–تطوان–الحسيمة، فاس–مكناس، وسوس–ماسة.
أما من حيث طبيعة الأنشطة، فتوزعت الشركات الجديدة أساسًا بين قطاع التجارة بنسبة 28.4%، وقطاع البناء والأشغال العامة والعقارات بنسبة 24.5%، والخدمات بـ19.5%، فيما توزعت باقي النسب بين الصناعة، والنقل، والمطاعم والفنادق، وتكنولوجيا المعلومات، والفلاحة، والأنشطة المالية.
ورغم هذا النمو الإيجابي، إلا أن مناخ الأعمال لا يخلو من تحديات مقلقة، إذ حذرت تقارير اقتصادية دولية من ارتفاع متوقع في عدد حالات الإفلاس خلال العام الجاري. ووفقًا لتقرير “الإفلاسات العالمية في ظل اقتصاديات الحرب” الصادر عن مؤسسة “أليانز تراد”، من المرتقب أن ترتفع حالات إفلاس الشركات بالمغرب بنسبة 7% خلال 2025، وهي نسبة تفوق المعدل العالمي المتوقع والمحدد في 6%.
ويعزو التقرير هذا الارتفاع إلى استمرار مشكلات تأخر السداد وزيادة الضغوط المالية على المقاولات، ما يجعل البيئة الاقتصادية الحالية محفوفة بمخاطر متعددة قد تؤثر على استمرارية الشركات، خاصة الصغيرة منها.
في ضوء هذه المؤشرات المتباينة، يبدو أن مشهد ريادة الأعمال في المغرب يراوح بين التفاؤل بزيادة المبادرات الاستثمارية، والحذر من تأثير الإكراهات المالية على ديمومة هذه المشاريع. وهو ما يفرض يقظة مؤسساتية واستراتيجيات دعم أكثر فاعلية لضمان استقرار القطاع واحتواء موجة الإفلاسات المحتملة.