دعت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في المغرب مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديرين الإقليميين إلى البدء في التحضير للمشاركة في التقييم الدولي “PISA 2025”. يهدف هذا التقييم إلى قياس أداء التلاميذ المغاربة مقارنة بمعايير التعليم العالمية، ويعدّ أحد أهم البرامج الدولية التي تقدم فرصة لتقييم نظام التعليم في الدول المشاركة.
برنامج “PISA” (برنامج التقييم الدولي للطلاب) هو برنامج دولي يُشرف عليه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ويُعنى بتقييم أداء الطلاب البالغين من العمر 15 عامًا في مجالات أساسية مثل القراءة والرياضيات والعلوم. منذ انطلاقه، أصبح هذا البرنامج مرجعًا عالميًا يستخدمه صناع السياسات التعليمية لمقارنة مستويات التعليم في مختلف الدول. ومن المتوقع أن يشكل “PISA 2025” خطوة جديدة نحو قياس مستوى التحصيل العلمي لدى الطلاب المغاربة، خاصة في ظل التحولات التي تشهدها المنظومة التعليمية.
التحضيرات لهذا التقييم تتطلب جهودًا متكاملة على مستوى جميع الجهات المعنية. دعوة الوزارة للمديرين الإقليميين ومديري الأكاديميات تشير إلى أهمية التنسيق على كافة المستويات لتحقيق الاستعداد الأمثل. من خلال هذه التحضيرات، يبرز أمل الحكومة في تحسين مستوى التعليم ومقارنة التلاميذ المغاربة مع نظرائهم في الدول الأخرى. ورغم أن هذا التقييم يقدم فرصة لتسليط الضوء على نقاط القوة في النظام التعليمي الوطني، إلا أنه يطرح في الوقت نفسه تحديات كبيرة تتطلب حلولًا فورية.
فيما يخص نتائج المغرب في الدورات السابقة من “PISA”، فقد أظهرت التقييمات الماضية أن النظام التعليمي المغربي يواجه العديد من التحديات. في دورة 2022، جاءت نتائج المغرب متأخرة مقارنة بالعديد من الدول الأخرى. احتل المغرب المرتبة 71 في مجال الرياضيات، والمرتبة 79 في مجال القراءة، والمرتبة 76 في مجال العلوم، ما يعكس حاجة ملحة لإعادة النظر في أساليب التعليم والتدريب.
تشير هذه النتائج إلى ضرورة أن تركز الاستعدادات الحالية على تحسين مهارات التلاميذ في هذه المجالات، خاصة في ظل التحديات التي فرضتها جائحة كورونا، والتي أثرت على جودة التعليم في مختلف أنحاء العالم. وعلى الرغم من هذه الصعوبات، فإن التحضير لتقييم “PISA 2025” يمثل فرصة ذهبية لتحسين الأداء التعليمي من خلال تركيز الجهود على تحسين التدريس في مجالات الرياضيات والعلوم والقراءة.
تعد مشاركة المغرب في “PISA 2025” خطوة استراتيجية تفتح المجال أمام الحكومة لتقييم فعالية الإصلاحات التعليمية التي تم تنفيذها مؤخرًا. هذه المشاركة لا تقتصر على الحصول على تصنيف عالمي فقط، بل هي بمثابة أداة لتوجيه السياسات التعليمية المستقبلية. إذ تمكن النتائج المحققة من فهم أعمق للثغرات الموجودة في النظام التعليمي، مما يساعد على اتخاذ قرارات استراتيجية لإصلاح التعليم في المستقبل.
في دورة “PISA 2025″، من المتوقع أن يتم التركيز على العلوم كمجال رئيسي، بالإضافة إلى إدخال تقييم جديد للغات الأجنبية، وخاصة اللغة الإنجليزية، وهي خطوة ستساهم في تعزيز كفاءة التلاميذ في التواصل مع العالم المعاصر الذي أصبح يتطلب إجادة اللغات الأجنبية. سيكون هذا التقييم خطوة نحو توجيه الطلاب لمواكبة احتياجات السوق العالمية ومهارات التواصل الضرورية في العصر الرقمي.
ومن خلال هذه الاستعدادات، يطمح المغرب إلى تحسين وضعه في التصنيفات العالمية. ومع ذلك، يبقى النجاح مرهونًا بتحقيق تضافر بين الجهود الرسمية والمجتمعية وتحديث المناهج الدراسية بما يتماشى مع معايير التعليم الدولية.