الحدث بريس : الصادق عمري علوي.
عندما تفكر وتدبر اعلى سلطة في البلاد لاصلاح المنظومة التعليمية فانها لا تفعل ذلك وفق معطيات ظرفية وانية ، لمعالجة اختلالات طارئة ، نجمت عن تصدع يحتاج لترميم ، او معالجة نفسانية لظاهرة انسانية مستعصية .
انه ابعد من ذلك بكثير فالامر يتعلق بمسالة معرفة ، و دراية شمولية دقيقة بحقيقة واوضاع التعليم بالمغرب . ومشروع بناء مستقبل مجتمع ، ومصير امة ،سعيا لاقلاعها نحو افق من التنمية ،والخلق والابداع ،والعطاء المتجدد …ايمانا بتضحياتها عبر تاريخها الحضاري الطويل ، و بقدراتها الذاتية ، ومساهمتها المستمرة في الحضارة الانسانية العالمية .
من يقرا تاريخ الحضارة المغربية يعرف ذلك ، منذ العهد الادريسي بوليلي الى الان برباط الفتح .. ليس هذا تبجحا وحماسة فالامر يشهد به الأعداء قبل الأصدقاء …
لكن ان يختزل افق ومصير امة في قرارات غير منطقية ، لمعاكسة المنطق الزمني، وسير التاريخ ودوران الارض ، بالشكل الميزاجي الذي يبعثر المألوف الطبيعي ويحبط امال وطموحات المغاربة في تعليم جيد و مناهج وبرامج رائدة.
بتوقيت زمني يتناسب و الموقع الجغرافي للمغرب ، وتموضعه بالكرة الارضية المحدد وفق خطوط الطول ..فمتى كان لاناس عكس الظواهر الطبيعية والمناخية والكونية إرضاء لامزجة لاتريد لتعليمنا التقدم والارتقاء … وانما الدفع به الى الهاوية ، وخلق المزيد من التصدعات والمشاكل الاسرية ، وخلخلة التوازن الوجداني والعقلي لذى الآباء والاطفال والأمهات … انه التوقيت الذي ينفتح على جميع التوقعات الذي لم يعتمده حتى جهابذة علماء الفلك و التوقيت المغاربة كابن البناء المراكشي وابن سعيد المرغيثي …
لقد كان جلالة الملك واضحا وشفافا في خطاباته سعيا منه لاصلاح منظومة التعليم ، وتحديد حقوق وواجبات رجال ونساء التعليم سواء في الرسالة الموجهة إلى المشاركين في «اليوم الوطني حول التعليم الأولي» الذي انعقد بالصخيرات او في جل خطاباته ، مركزا على اهمية التعليم الاولي كمنطلق لاي اصلاح .
حين اكد جلالته على ضرورة أن يتميز التعليم الأولي بطابع الإلزامية بقوة القانون بالنسبة للدولة والأسرة، مبينا جلالته أهمية هذا التعليم في إصلاح المنظومة التربوية، * ” باعتباره القاعدة الصلبة التي ينبغي أن ينطلق منها أي إصلاح، بالنظر لما يخوله للأطفال من اكتساب مهارات وملكات نفسية ومعرفية، تمكنهم من الولوج السلس للدراسة، والنجاح في مسارهم التعليمي، وبالتالي التقليص من التكرار والهدر المدرسي .
وذلك نابع من حرص المغاربة على حسن تعليم أبنائهم، وتربيتهم على مكارم الأخلاق، وعلى التعلق بالثوابت الوطنية العليا، في تكامل بين الدار والمدرسة، وفي انفتاح على مستجدات العصر.
وإننا نعتبر أن المحبة التي يشمل بها الآباء أبناءهم، والقيام بمسؤولياتهم في مواكبتهم وتزويدهم بالقيم والمبادئ السامية، من أهم عوامل الارتقاء الاجتماعي، والقاعدة الصلبة للنهوض بالتنمية الشاملة.
* ومن منطلق حرصنا على جعل المواطن المغربي في صلب عملية التنمية والسياسات العمومية، فإننا نعمل على تمكين المدرسة من الوسائل الضرورية للقيام بدورها في التربية والتكوين.
وإن ما نسهر عليه شخصيا من توفير البنيات التحتية الضرورية، بمختلف جهات ومناطق المملكة، من طرق وماء صالح للشرب وكهرباء، ومساكن للمعلمين ودور للطالبات والطلبة وغيرها، كلها تجهيزات أساسية مكملة لعمل قطاع التعليم، لتمكينه من النهوض بمهامه التربوية النبيلة.* من هنا جعل المشرع العملية التعليمية ، وكل المنظومة في صلب اهتماماته البالغة .”
فهل يريد أناس – اكاد اجزم بانهم لايعيشون الزمن التاريخي للمغرب – بعثرة الاوراق ، واعادة العجلة الى الوراء وتعتيم افق التعليم ، باعتماد هذا التوقيت الصيفي الذي سمي صيفيا لصيفيته ، وليس ليكون لجميع الفصول المتغيرة مناخا وطقسا ،وحاجيات ومستلزمات …لايلمسها الا الفلاحون وسكان البوادي والقرى النائية ، الذين يعانون المرارة في نقل ابنائهم الى المدرسة البعيدة وسط زمهرير الثلوج والرعود ، والاوحال … وقد قال الشاعر قديما
دقات قلب المرء قائلة له
ان الحياة دقائق وثواني .
ومادام التوقيت مقترن بالحياة ، فهو عماد واساس التفكير في التعليم عند اي قرار يتخذ … وهو الذي يعتمد في بطاقة الحضور والغياب ، لدى الاستاذ والتلميذ ، وبه تحسم المواظبة والارتقاء في سلم النجاح ، او النزول الى الحضيض … وبه يتحدد مصير المنظومة التعليمية ككل .