الحدث بريس : الصادق عمري علوي.
في الحقل يعمل الفلاح على محاربة الحشائش الضارة طوال السنة ، لتمكين الغلال من النمو الطبيعي بمعانقة شمس الصباح والاستفاذة من نقاء الماء والهواء ومن المواد العضوية ، حتى ينعم بموسم فلاحي جيد يظهر أثره المباشر في البيدر أوالدكان ، أو السوق .
لكنه لسوء حظه أن قد صادف – بمن زرع في الماضي – أعشابا خشنة للغاية ، صلفية الغاية ،نابية للغاية تتلوى على الغلال كالحنش ، وتتلوك كالقنافذ ، والأذهى أنها تنشر بذورها الشريرة في كل مكان و تنمو بشكل رهيب ، يحتاج فيه الفلاح المتصبر إلى جهد جهيد لإبعادها واقتلاع وجودها المتحامق ، بعد أن ألقت شبكتها الجذرية ، وقضبانها اللولبية ” الحرشاء المتشوكة ” تتخللها ثمار -هي بذورها الكثيرة – والتي هي عبارة عن نذف تشبه الصوف المتكوم بأشواك شرسة ، دقيقة حادة تعلق بأثواب عائلة وأقرباء وأصدقاء ، ومعاوني ، وزوار فلاح البادية ، إنها الحسيكة المسننة الغريبة الأطوار التي تعبث بالحقل وتحوله إلى مجموعة بقع صلعاء بنية ، مستعصية على الإصلاح إلا باستعمال محراث عتيد يقلبها رأسا على عقب ، ويطمرها أمتارا إلى الأبد ،حتى لاتعود من جديد لتضييع الغلال وتشويه الواحات والجبال .
هناك نباتات طفيلية كثيرة من مثل “النجم الشبكي ” واللواية الدقيقة الصفراء عدوة الفصة والنعناع ، المهم ” عدوة البحيرة ” ، يحاربها الفلاح طول العام بل أعوام عدة … لكنه قد يقف مذهولا أمام مقاومتها و ووجها القصديري ” القاصح ” الذي لا يرعوي ولاتنفع فيه تعاويذ الفلاح كل صباح ومساء .
إن هذه الحسيكة الفصلية هي نفسها الحسيكة السياسيوية الشعبوية ، هي الوجوه القديمة القابعة في مجلس الجهة بكل صلفها ، وبلاهتها ، واستعصائها ومواصلة تجذير شبكتها الشوكية ، وغرابة تشبتها بالزمان والمكان، ومحقها كل أمل في جودة الغلة والمنتوج .
إنها الحسيكة التي ترى في وجودها دائما وكبريائها الشوكي منة على الجهة لاتعدلها منة ، و “زريعتها ” التي تحمل لغة التحدي و” تغنانت ” ، مشيطنة كل تفاصيل حياة الحقل والفلاح ، ومسطحة الأديم ومنفرة كل النوايا النبيلة في أي تنمية محتملة تخرج هذه الجهة إلى معانقة آفاق التحديث والتطوير .
مقال عجيب