في عالم اليوم الذي يتسم بالتنافسية العالية في مجالات التجارة الدولية، تبرز كل من القاهرة والرباط كوجهتين متميزتين تتيحان فرصًا واعدة للشركات التي تسعى لتوسيع نطاق أعمالها نحو السوق الأمريكي، أكبر أسواق العالم. وتستند هذه الفرص إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والتجارية، بدءًا من الاتفاقيات التجارية المواتية وصولًا إلى الموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي يجمع بين أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا.
تُعد المملكة المغربية واحدة من أكثر البلدان الأفريقية تميزًا في مجال التجارة مع الولايات المتحدة، بفضل اتفاقية التبادل الحر بين البلدين التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2006. هذه الاتفاقية التي تعد الأولى من نوعها بين الولايات المتحدة ودولة عربية، ساهمت في تعزيز حجم التجارة الثنائية، ما جعل المغرب من أبرز شراكات الولايات المتحدة في منطقة شمال أفريقيا. وفي هذا السياق، سجلت الصادرات المغربية إلى الولايات المتحدة عام 2023 رقمًا قياسيًا بلغ نحو 440 مليون دولار، خاصة في مجالات المنتجات الغذائية والسمكية. وقد أبدت وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي تقديرًا للمناخ الاستثماري في المغرب، مشيرة إلى استقرار البيئة السياسية والبنية التحتية المتطورة التي تجعل من المملكة بوابة طبيعية إلى الأسواق الأمريكية.
أما مصر، فقد أصبحت أيضًا من اللاعبين البارزين في مجال التجارة مع الولايات المتحدة. بالرغم من عدم وجود اتفاقية تبادل حر مماثلة لتلك التي تجمع بين المغرب والولايات المتحدة، فإن مصر تعمل على تعزيز مكانتها كمركز إقليمي للتجارة والاستثمار، خاصة بعد الانضمام إلى اتفاقية التبادل الحر الأفريقية (AfCFTA) التي تفتح أمامها أبواب أسواق واسعة في القارة الأفريقية. ويُتوقع أن تستفيد مصر من هذه الاتفاقية لتوسيع صادراتها إلى الأسواق العالمية، بما في ذلك السوق الأمريكي. كما أن موقعها الجغرافي في قلب الشرق الأوسط، بالإضافة إلى بنيتها التحتية المتطورة والمزايا التشريعية التي تقدمها للمستثمرين الأجانب، يجعل منها وجهة مثالية للشركات الراغبة في تصدير منتجاتها إلى الولايات المتحدة.
إن التحولات الاقتصادية في كل من القاهرة والرباط توفر فرصًا استراتيجية للمستثمرين والشركات التي تطمح إلى التوسع في السوق الأمريكي. تتنوع هذه الفرص بين التجارة البينية، التعاون الصناعي، وحتى الابتكار التكنولوجي، وهو ما يجعل من القاهرة والرباط محورين رئيسيين في استراتيجيات التصدير إلى أمريكا. وفي ظل الوضع الاقتصادي العالمي المتغير، تبقى الشركات في حاجة إلى الشركاء الاستراتيجيين الذين يمكنهم توفير السبل الأمثل للتوسع في أسواق جديدة. ولعل ما يميز كل من مصر والمغرب هو قدرتهما على توفير بيئة أعمال مشجعة، مع التزام حكومي جاد لتسهيل الإجراءات وتقديم الحوافز للمستثمرين.
إن العلاقة التجارية المتنامية بين القاهرة، الرباط، والولايات المتحدة الأمريكية تشير إلى أن هناك إمكانيات هائلة يمكن استغلالها في السنوات القادمة. وكما يظهر من الأرقام والاتفاقيات التجارية، فإن السوق الأمريكي يمثل نقطة انطلاق مثالية للعديد من الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.