الحدث بريس:المختار العيرج.
في دورة فبراير لجماعة الرشيدية التي تابعها الجمهور لأول مرة عبر تقنية البث المباشر، كان النظام الداخلي الذي سنه المجلس في بداية ولايته حاضرا و طاغيا و شاغلا للمستشارين في الأغلبية كما في المعارضة، و يمنح هذا ” النظام ” لكل مستشار 5 دقائق في المداخلة الأولى و 3 في الثانية في كل نقطة، و يغدق على الرئيس و نوابه و رؤساء اللجان التي لا حظ للمعارضة سوى في واحدة “الوقت ” الذي يريدون و متى يريدون بلا حسيب و لا رقيب، فتمر الدورة و الكل مجبر – معارضة و أغلبية و جمهورا – على التسمر ساكتا صاغرا مصغيا للرئيس و نوابه و رؤساء لجانه، و تتخلل الدورة بعض تدخلات المعارضة التي تشبه قطرات يتيمة وسط بحر هادر، فيتم تبخيس أداء المعارضة و اذلالها و ممارسة أعتى أنواع الاقصاء في حقها .
و يقع ذلك للأسف من قبل جماعة يستحوذ حزب العدالة و التنمية على الأغلبية المطلقة فيها، و يرأسها إطار سياسي عانى الأمرين من التضييق و التهميش لما كان في ولاية سابقة في المعارضة، الشيء الذي أثار في نفسي و أنا أتتبع أطوار هذه الدورة هذه الملاحظات :
• حزب العدالة و التنمية يتوفر على الأغلبية المطلقة بجماعة الرشيدية، فما يضيره إن اعتمد نظاما داخليا أكثر انفتاحا يمنح فيه للمعارضة قسطا وافرا من الوقت مادام أنه متأكد، اعتمادا على أغلبيته العددية من تمرير ما يريد، و مادام أنه واثق من مستشاريه، فلن تؤثر فيهم مداخلات المعارضين و لن تستميلهم حتى، كما ينتظر منه كذلك أن يوسع هامش الديمقراطية بدءا من المجالس التي يسيرها، قبل أن يطالب بها مع خصومه السياسيين و من الدولة لاسيما و أن الفرقاء السياسيين طالما اتهموا ” مرجعيته الفكرية ” بانغلاقها و صعوبة انفتاحها على الرأي الآخر .
• في كل حزب توجد أطر سياسية هي ركائز التنظيم و مناضلون في مراتب مختلفة و متعاطفون، و هم بأصنافهم الثلاثة متواجدون في فريق مستشاري حزب العدالة و التنمية بجماعة الرشيدية، و في هذه النقطة، نقطة التسامح في الوقت مع المعارضة، خضع الرئيس و هو إطار سياسي لرأي غير سديد، سايره فكمم الأفواه حين سمح بتجميع الوقت لصالح رئيس فريق من المعارضة في عشر دقائق و كان المأمول منحه ذلك و فسح المجال للآخرين الذين تنازلوا له عن حقهم في التعبير و إبداء الرأي، فكان ” تخييط الأفواه ” و الحرص على تطبيق نظام مرر استنادا على الأغلبية العددية أهم ما شد انتباه المتابعين لهذه الدورة و ما ميزها على الاطلاق .
• إن مراجعة النظام الداخلي في أقرب فرصة صارت ضرورة ملحة و مطلبا ديمقراطيا بجماعة الرشيدية يجب أن يصير أولوية النخب و الأحزاب و القواعد بما فيها تلك المنتمية لحزب العدالة و التنمية، فلا مصداقية للرئيس و هو يشنف مسامعنا دفاعا عن الطلبة و المعطلين، و محاربة الريع و الفساد ان يتمسك بنظام داخلي يمنع الخصم من حقه في الكلام و النقد .. قد يبرر الرئيس هذا السلوك بأنه ممارسة عامة في البلاد من أقصاها إلى أقصاها، و هذا قد يقبل من بعض الفاعلين السياسيين الذين اختاروا مرجعيات متهافتة لكنه لا يستساغ ممن اختار الطهرانية و النزاهة و الأخلاق سواء كان من هذا الصف أو ذاك لاسيما إن المجلس يضم عضوين من البرلمان و هو مدرج لتشريع الحماية من التعسف و الاقصاء .