الحدث بريس : المختار العيرج
تلجأ بعض الأحزاب حين تحصل على النصف + واحد إلى إشراك مستشارين من انتماءات أخرى بالمكتب المسير للجماعة، و ذلك كرسالة منها لتكريس الديمقراطية التشاركية و كذا لتجنب الظهور فبصورة الغالب الذي لا يشق له غبار، لكن حزب العدالة و التنمية بجماعة الرشيدية قد شذ عن هذه القاعدة في استحقاقات 2015 .
و كان اختيار تدبير الشأن العام بهذه الأحادية مثيرا للانتباه بعد ولاية لم يكن بإمكان حزب العدالة و التنمية أن يوفق في رئاسة جماعتها لولا الدعم الذي قدمه أحد المستشارين فانتخب على إثره نائبا أول بالمجلس عقب انتخابات 2009، لكنه بعد حصول العدالة و التنمية في الولاية الحالية على الأغلبية النسبية سيلفظ مع الملفوظين، و سيتربع إخوان بنكيران على كل كراسي المكتب منتشين بنصرهم و ” فتحهم المبين ” .
لم ينتبه حزب العدالة و التنمية – للأسف – إلى أنه بهذه الخطوة سيراكم خصومة الأحزاب الأخرى. و أنه سيعزل نفسه بالرشيدية، و لن يجد في المستقبل بالسهولة المألوفة حليفا و لا نصيرا يقبل بوضعية المرؤوس، فأغلب الذين جربوا اقتسام المهام في جماعة يرأسها حزب العدالة و التنمية، خرجوا من التجربة نادمين محذرين و نادبين حظهم التعيس ..فالرئيس و أقرب مقربيه لا يعتبرون الحليف مشاركا بل مجرد رديف ..
قد يقول قائل إن الباعث على ذلك يعود للمواصفات المتوفرة فيمن أسعفته الظروف بكسب رهان الفوز في الانتخابات من الأحزاب الأخرى والتي يعتبرها حزب العدالة و التنمية لا تتوفر على الشروط وفق تقديراته و تقييماته، و هذا شيء مردود ما دام بعض المنتخبين من فريق حزب العدالة و التنمية ليسوا بأفضل حال من غيرهم، بل لا يجب أن ننسى أن قسطا هاما منهم وفد على الحزب من تنظيمات سياسية هي نفسها المتواجدة بجماعة الرشيدية و بوأهم الحزب مهام جسيمة .
و لم يتميز حزب العدالة و التنمية فقط بالاقصاء و التنكر لأصحاب فضل سابق عليه، بل إنه غالبا ما ينتهج بالرشيدية منهجية تختلف عما يمارس في مناطق و جهات أخرى، إذ غالبا ما نرى في مدن أخرى المنتخبين العداليين يغيرون رأيهم و يراجعون أنفسهم،يصوتون لصالح حزب قالوا فيه قبل أسابيع ما لم يقله مالك في الخمر، و يتخذون قرارات تطعن في العمق القناعات …لكن في الرشيدية ظلوا في حالة تصعيد و تمسك بمواقف لا فرق فيها بين التاكتيك و الاستراتيجية،والأمثلة على ما نقول كثيرة كان آخرها تلك الرسالة المفتوحة الموجهة لوالي جهة درعة تافيلالت، عامل الرشيدية في نازلة نقل مرضى القصور الكلوي بسيارتين تابعتين لجماعة الرشيدية اللتين حجزتهما السلطات، اتهم الرئيس الوالي باستعمال الشطط و بأن خلفيات قراره تظل غير مفهومة رغم أن ممثل وزير داخلية العثماني تصرف في ضوء مرسوم رئيس الحكومة رقم 293-20-2 الصادر في 29 رجب 1441( 24 مارس 2020) القاضي بإعلان حالة الطواريء الصحية، الذي أتاح في مادته الثالثة للولاة و العمال صلاحيات واسعة تشمل ماصدر عنه من حجز للسيارتين في ضوء تعليمات رئيس الحكومة، الأمين العام لحزب العدالة و التنمية ..فعلى الرغم من أن رسالة الرئيس و ما تضمنته من معطيات لم تكن موفقة سياسيا و حزبيا، فإنه لم يصدر عن الرئيس و لا الحزب ما يفيد التراجع وتقديم نقد ذاتي و طي الصفحة، في حين رأينا في جهات أخرى يكون فيها رأي إخوانهم سديدا و مع ذلك شاهدناهم يحنون الرأس أمام العاصفة .
فلماذا يغرد حزب العدالة و التنمية بالرشيدية خارج السرب، فهل تحكم الجميع مراجع موحدة و مواقف منسجمة أم أن للرشيدية منطقها و نظامها ومنهجها الخاص،فهل هي داخل الحزب أم أنها شبه جزيرة يمارس الربابنة فيها جدلية الانضباط و التمرد، فهي تارة مع التوجه العام و تارة أخرى تعلن العصيان، و تفرض من ثمة رؤيتها للعالم على القيادة و المركز ..إنها شبه جزيرة الرشيدية داخل رقعة حزب العدالة و التنمية !؟!