توافد عشرات الآلاف من أنصار التيار الصدري لأداء صلاة الجمعة الموحدة، التي دعا إليها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في المنطقة الخضراء وسط بغداد و4 محافظات أخرى، في حين التقت رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس وزعيم التيار في مقر إقامته بمحافظة النجف.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن رئيسة بعثة الأمم المتحدة قولها إنها ناقشت مع زعيم التيار الصدري أهمية إيجاد حل للأزمة السياسية في البلاد.
ويعيش العراق شللا سياسيا تاما منذ الانتخابات التشريعية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في ظل العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
وفي ساحة الاحتفالات وسط المنطقة الخضراء، قال خطيب صلاة الجمعة الموحدة للتيار الصدري إن الفساد والتردي الذي بلغه العراق هو نتيجة لهيمنة الأحزاب المتسلطة التابعة للخارج.
واحتمى بعض المتظاهرين تحت مظلات من أشعة الشمس الحارقة والحرارة التي تفوق 46 درجة مئوية، رافعين الأعلام العراقية وصور مقتدى الصدر، في حين ساروا على دربٍ طويل يؤدي إلى الساحة، ورددوا في الأثناء هتاف “نعم نعم للسيد”، في إشارة إلى مقتدى الصدر.
ودعا الصدر أنصاره في محافظات النجف وكربلاء وبابل وواسط إضافة إلى بغداد للمشاركة في أداء الصلاة الموحدة. كما طالبهم بالتقيد بتعليمات الأجهزة الأمنية.
وتعد هذه الصلاة هي الثانية من نوعها التي يدعو إليها الصدر منذ منتصف يوليو/تموز الماضي، حيث أقيمت الأولى في شارع الفلاح وسط حي الصدر الشيعي بمشاركة شعبية غفيرة.
واتخذت السلطات العراقية وسرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر إجراءات أمنية مشددة والقيام بأوسع حملة لتنظيف الساحة وتهيئتها لإقامة الصلاة الموحدة.
كما اتخذت إجراءات أمنية مشددة في جميع الشوارع والساحات المؤدية إلى المنطقة الخضراء الحكومية وتم إغلاق عدد من الجسور أمام حركة السيارات لتسهيل وصول المصلين.
ويواصل أنصار مقتدى الصدر اعتصامهم لليوم السابع داخل مبنى البرلمان العراقي؛ للمطالبة بحل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة، والقصاص من الفاسدين، ورفض ترشيح محمد شياع السوداني لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
موقف الحشد الشعبي
في سياق متصل، رأت هيئة الحشد الشعبي في العراق أن دعوة التيار الصدري لإجراء انتخابات مبكرة ستكون حلا للأزمة الراهنة فقط إذا وافقت كل الأطراف، في حين ذكر الإطار التنسيقي (موال لإيران) أنه سيوافق على الانتخابات المبكرة بشرط تحقيق الإجماع.
وفي مقابلة خاصة مع الجزيرة، قال رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض، إن دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لإجراء انتخابات مبكرة ستكون حلا للأزمة الراهنة فقط إذا وافقت كل الكتل السياسية عليها.
كما أوضح الفياض أن الإطار التنسيقي لم يتخذ بعد موقفه الرسمي من دعوة الصدر لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.
وأضاف الفياض أن إجراء الانتخابات يتطلب إجراءات منها الاتفاق على إدارة المرحلة الحالية، لأن الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال وليست لديها صلاحيات تنظيم الانتخابات، على حد تعبيره.
كما أصدر الحشد الشعبي بيانا قال فيه “نثني على دعوة زعيم التيار الصدري للحشد إلى اتخاذ موقف الحياد من الأزمة”.
وبدوره، أصدر الإطار التنسيقي مساء أمس الخميس بيانا أكد فيه “دعمه لأي مسار دستوري لمعالجة الأزمات السياسية وتحقيق مصالح الشعب، بما في ذلك الانتخابات المبكرة بعد تحقيق الإجماع الوطني حولها وتوفير الأجواء الآمنة لإجرائها”.
وشدد الإطار التنسيقي على وجوب أن “يسبق كل ذلك العمل على احترام المؤسسات الدستورية وعدم تعطيل عملها”.
وجاء في البيان أيضا “يبقى سقفنا القانون والدستور ومصلحة الشعب”.
وصدر هذا البيان عقب اجتماع طارئ ضم القوى الشيعية باستثناء التيار الصدري، وذلك في منزل رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، لمناقشة آخر المستجدات.
وكشف الأمين العام لكتائب سيد الشهداء (الموالية لإيران) أبو آلاء الولائي -في تغريدة على تويتر- أن الاجتماع أسفر عن الاتفاق على عدم التجديد لرئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، ورفض إبقائه رئيس تسوية للمرحلة المقبلة.
ومن ناحيته، أعلن زعيم تحالف الفتح ومفوض الإطار التنسيقي للحوار هادي العامري أنه يؤيد إجراء انتخابات مبكرة، مؤكدا أن ذلك يتطلب حوارا شاملا لتحديد موعد إجرائها ومتطلبات ذلك.
دعوة الصدر
وتأتي هذه التطورات بعدما قال الصدر -في بيان نشره على تويتر- إن هناك “فسطاط التيار” و”فسطاط الإطار”، مضيفا أن هذا “لا يعني أن إخوتنا في الحشد الشعبي محسوبون على إحدى تلك الجهتين”.
وأضاف أنه على يقين أنهم يشاطرونه وحدة الصف ضمن الأطر السماوية والدينية والإنسانية والعقائدية، مؤكدا أن وحدة الصف في غاية الأهمية إذا بُنيت على الإصلاح الحقيقي ونبذ الفساد والفاسدين ومحاسبتهم.
وكان الصدر دعا -في خطاب متلفز أول أمس الأربعاء- إلى حلّ البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة، معتبرا أنه “لا فائدة ترتجى من الحوار”، في وقت تعيش فيه البلاد أزمة سياسية تزداد تعقيدا يوما بعد يوم.
وفي خطابه، دعا الصدر أنصاره إلى الاستمرار باعتصامهم حتى تنفيذ مطالبه بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، مشيرا إلى أن مطالبه تتمثل في عملية ديمقراطية ثورية سلمية.