الغنبوري يكتب : حقوق المصالح الأوروبية

0

في تصرف ينم على كثير من السذاجة ان لم نقل الغباء المقرون بالتفاهة، خرج مجموعة من مَنْ يدعون الدفاع عن حقوق الانسان وحرية التعبير في المغرب، ليعبروا عن ارتياحهم و سعادتهم بالتوصية التي صادق عليها البرلمان الأوروبي ضد المغرب، توصية يؤكد من خلالها البرلمان الأوروبي عن حزنه و ألمه على حرية التعبير في المغرب، و يرتدي من خلالها معطف الساهر على احترام الحقوق و الحريات.

قد تبدو هذه التوصية، منسجمة مع شعارات الأوروبيين، التي يطلقونها كما يطلق الرصاص في الهواء في افراح صعيد البادية العربية، لكنها في الحقيقة، دليل ادانة جديد لهؤلاء، تثبت بالملموس و بما لا يدع مجالا للشك، ان اخر ما يهم أوروبا و المتحكمين فيها ، هو الحقوق و الحريات ، فهي خاضعة بالأساس لميزان المصلحة و ماذا ستجني أوروبا من ذلك.

تخيلوا معي ان أوروبا تستفيق من سباتها، بعد اكثر من 5 سنوات على محاكمة احد الصحفيين في المغرب، المتهم بالدليل و الحجج المتعددة، بانه مغتصب، جالت ضحاياه جميع اصقاع العالم لفضح و كشف ممارساته ضدهن، و تدين المغرب، و تعتبر محاكمته قمع لحرية التعبير، هل هناك استبلاد و استصغار للعقول اكثر من هذا ؟

- الحدث بريس-

- الحدث بريس-

- الحدث بريس-

أوروبا و برلمانييها ، يريدون اليوم اقناعنا بان المسالة الحقوقية هي عقيدة لا يمكن ان تمس لديهم ، و ان دفاعهم عنها هو مسألة مبدأ ، لا تلومهم لومة لائم في الدفاع عنها و الجهر بها ، و ان ادانة المغرب هي ادانة طبيعة بدون أي سياق سياسي و مصلحي ، و ان من يحركها هي المبادئ فقط و الحرص على حقوق الانسان و احترامها.

اين كانت أوروبا و برلمانييها من المسالة الحقوقية في المغرب طيلة 20 سنة ؟ ، و اين كانت أوروبا عندما كان المغرب لا حول له و لا قوة امام الجبروت و الاستغلال الاقتصادي البشع لأوروبا و لدولها الاستعمارية التاريخية و في مقدمتهم فرنسا ، للمغرب و لباقي افريقيا ؟ ، و اين كانت اوروبا عندما كانت التوازنات السياسية و العسكرية تصنعها أوروبا و المتحكمين فيها ؟ و اين كانت أوروبا و المغرب يصارع الهجرة بمفرده لحماية الامن الأوروبي ؟ و اين كان هؤلاء البرلمانيين الحقوقيين جدا ، عندما كانت دولهم تنتهك كل الحقوق الكونية تحت شعار مكافحة الإرهاب ؟ و اين و اين …

البرلمان الأوروبي ، و عديد من أعضائه ، لم يخفوا دوافعهم الانتقامية اتجاه المغرب ، و منهم من يحاول جاهدا الصاق تهمة ” بزز” للمغرب ، باعتباره جزءا من قضية الفساد التي هزت اركان هذا البرلمان الأوروبي “النزيه جدا” ، و التي باتت تعرف ب” Qatargate” ، مدعين انهم لن يقبلوا الفساد و لن يقبلوا الرشوة لصياغة مواقفهم .

حجج وتبريرات مضحكة، غير قابلة لا للتبرير ولا للاستعمال كتغطية على الهاجس المصلحي الاستعماري الذي يسيطر على النخب الأوروبية اتجاه دول جنوب البحر الأبيض المتوسط وفي مقدمتهم المغرب، علما ان أكبر دول أوروبا، تأخد الرشوة العينية وفي العلن وامام مرأى و مسمع من كل دول العالم، تأخذها على شكل غاز بثمن بخس يكاد يكون بشكل مجاني من طرف النظام الجزائري، لا لشيء سوى لمعاكسة المغرب و فرملة تفوقه.

ما تقوم به بعض دول أوروبا و في مقدمتهم فرنسا، يسقط ورقة التوت عن سياستهم الاستغلالية و عن عقليتهم الاستعمارية، التي لا تريد ان تقتنع ان مغرب الامس ليس هو مغرب اليوم، و ان المعادلات تغيرت، و ان الفاعلين اصبحوا متعددين، و ان الشراكة هي شراكة ندية، لم يعد فيها أي مجال لخاضع و مخضع .

هذا الاستعمال المقيت لورقة الحقوق و الحريات، اتجاه المغرب، اصبح بدون معنى ، بعد معرفة ان الحقوق و الحريات هي في الأصل مصالح أوروبية ، لا تنطلق من أي بعد انساني او أخلاقي ، و انما محركها الأساسي هو السلب و النهب الأوروبي ، و من يرفض ترفع في وجهه ، لكن الأساسي في الامر ان الشعب المغربي أصبح واعيا بهذه المزايدات الأوروبية ، و بات يدرك بشكل كبير عقلية هؤلاء ، و أصبح اكثر اتجاها نحو تكريس وحدته الوطنية و تقوية جبهته الداخلية و الدفاع عن مصالح وطنه ، بعد ان استشعر القوة التي بات يتمتع بها بلده .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.