مرر مجلس النواب الأمريكي في 25 مارس 2025 قرارًا مهمًا يحمل الرقم H.RES.251، الذي يعترف بمرور 250 عامًا على اعتراف المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية كأول دولة تعترف بها رسميًا. هذا القرار يُعد تجسيدًا للتقدير الأمريكي للعلاقة الدبلوماسية التي بدأت منذ العام 1777 وما زالت مستمرة حتى اليوم، معترفًا بها كأحد أقدم العلاقات الدولية في تاريخ الولايات المتحدة.
يعكس القرار أيضًا تقديرًا كبيرًا للعلاقة التي تأسست مع توقيع معاهدة السلام والصداقة بين البلدين في عام 1787، وهي المعاهدة التي تظل واحدة من أقدم الاتفاقيات الدبلوماسية المستمرة بين دولتين في العالم. كما يُشيد القرار بمساهمة المغرب الفاعلة في الدبلوماسية الأمريكية، حيث أهدى المغرب للولايات المتحدة المفوضية الأمريكية في طنجة عام 1821، لتكون أول ممتلك دبلوماسي أمريكي خارج الأراضي الأمريكية، مما يعكس الثقة والتعاون العميق بين البلدين في تلك الفترة.
علاوة على ذلك، يعترف القرار بالدور البارز الذي لعبه المغرب في حماية الجاليات اليهودية في المنطقة، حيث كان المغرب دائمًا نموذجًا للتسامح الديني والتعايش بين الأديان المختلفة. هذه السياسة التي حرصت على تعزيز قيم التسامح والحوار بين الأديان تشكل أساسًا لمستقبل العلاقات المغربية الأمريكية، وتعكس التزام المغرب بقيم السلام والاستقرار في المنطقة.
أما على الصعيد الاقتصادي، فإن القرار يسلط الضوء على الشراكة الاقتصادية المتينة بين المغرب والولايات المتحدة، حيث يُعتبر المغرب الدولة الإفريقية الوحيدة التي لديها اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة. هذه الاتفاقية قد فتحت آفاقًا واسعة للتعاون التجاري بين البلدين، وجعلت من المغرب شريكًا استراتيجيًا في القارة الإفريقية، ما يعزز من قدرة الولايات المتحدة على التوسع في أسواق جديدة.
ولا تقتصر العلاقات بين البلدين على الجانب الاقتصادي فقط، بل تتعداه إلى التعاون العسكري والأمني، حيث يشير القرار إلى الجهود المشتركة في مكافحة الإرهاب والتطرف، خاصة من خلال التدريبات العسكرية المشتركة مثل “الأسد الإفريقي”، التي تعتبر من أكبر التمارين العسكرية في إفريقيا. هذه الجهود تهدف إلى تعزيز الأمن الإقليمي وتوطيد الشراكة في مجال الدفاع، وهو ما يعكس التزام الطرفين بتعزيز الاستقرار في المنطقة.
كما يبرز القرار الدور الذي يلعبه المغرب في تعزيز الاستقرار الإقليمي من خلال مشاركته في اتفاقيات أبراهام، التي تم توقيعها بين عدد من الدول العربية وإسرائيل. يشير القرار إلى أن هذا الاتفاق كان خطوة مهمة نحو تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويشجع على استمرار التعاون الثنائي بين المغرب والولايات المتحدة في مجالات الصحة والتعليم، بالإضافة إلى مواجهة الأزمات العالمية.
و يعتبر هذا القرار بمثابة اعتراف رسمي قوي من الولايات المتحدة بالعلاقة الاستثنائية مع المغرب، ليس فقط في بعدها التاريخي، بل في شراكتها المتعددة الأبعاد. ومع اقتراب الذكرى الـ250 لهذا الاعتراف في عام 2027، يدعو القرار إلى الاحتفال بهذا الحدث التاريخي المهم، الذي يحمل في طياته دلالات استراتيجية وثقافية تعزز من مكانة العلاقات بين البلدين في المستقبل.