في إطار إستراتيجيات الدولة لتقنين زراعة القنب الهندي و تحويلها إلى نشاط إقتصادي قانوني، أعلن المغرب عن منح 3371 ترخيصًا للإستعمالات الطبية و الصناعية للقنب الهندي خلال عام 2024، و هي زيادة ملحوظة مقارنة بـ721 ترخيصًا في العام السابق.
التراخيص المعلن عنها جاءت كجزء من خطة العمل التي بدأ تنفيذها في يوليو 2022، حيث سعت المملكة إلى تنظيم هذا القطاع و الإستفادة من إمكانياته في تحسين الإقتصاد المحلي و تعزيز الإيرادات المالية.
و وفقًا للوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، فقد تم زراعة 2169 هكتارا من القنب الهندي المشروع في المملكة خلال العام الجاري، بمشاركة 2647 فلاحًا، و هو ما أدى إلى إرتفاع إنتاج القنب الهندي المشروع إلى 4082 طنا، بمعدل مردودية يصل إلى 20 قنطارا لكل هكتار.
الأرقام المعلن عنها تعكس التوجه للمغربي نحو إستغلال هذه الزراعة لأغراض طبية و صناعية، في خطوة تهدف إلى تقليص الأنشطة غير القانونية و تحقيق إستفادة إقتصادية ملموسة، و مع التزايد الملحوظ في التراخيص و منح الأراضي الزراعية لهذه الزراعة القانونية، يتوقع خبراء أن يشهد الإقتصاد الوطني تنشيطا ملحوظا من خلال إنشاء صناعات جديدة مثل إنتاج الأدوية و المكملات الغذائية.
في هذا السياق أشار المحلل الإقتصادي، علي الغنبوري، إلى أن المغرب دخل مرحلة جديدة في إستغلال القنب الهندي بعد سن القانون الجديد الذي سمح بتقنين هذا النشاط، و تعكس التراخيص الجديدة لمزارعي القنب الهندي، رغبة الدولة في تجاوز التجربة السابقة التي كانت تقوم على تجريم هذه الزراعة، و عليه، يعد هذا التغيير خطوة نحو إستثمار اقتصادي طويل الأمد يعزز الإقتصاد الوطني و يساهم في تحسين الوضع المالي للبلاد.
وفقاً للغنبوري، فإن أولى الفوائد الإقتصادية ستظهر من خلال تنشيط الدورة الإقتصادية في المناطق التي تعتمد بشكل كبير على زراعة القنب الهندي، مضيفا أن هذه الزراعة، التي كانت تمثل شريان الحياة للعديد من الأسر، ستتحول الآن إلى مصدر قانوني للربح، مما سيساهم في تنمية الأنشطة التجارية المحلية و خلق فرص إقتصادية جديدة، و هو ما سينعكس إيجابيا على الإقتصاد المحلي، خاصة في المناطق التي ترتبط بشكل وثيق بهذه الزراعة.
و أوضح الغنبوري أن الأنشطة المرتبطة بالقنب الهندي ستدخل حيز الشرعية الإقتصادية على المستوى الوطني، بعدما كانت هذه الأنشطة تستغل في أعمال غير قانونية مثل المخدرات، دون أن تعود بفوائد على المالية العمومية، إذ لم تكن تلك الأنشطة تسهم في تعزيز الإيرادات من الضرائب أو تساهم في القيمة المضافة التي يحتاجها الإقتصاد الوطني.
من جهة أخرى، إعتبر المحلل الإقتصادي أن أحد أهم المكاسب الإقتصادية التي ستجلبها هذه الأنشطة هو تحسين الجباية المحلية و الرفع من الموارد المالية للدولة، بالإضافة إلى خلق فرص إستثمارية جديدة، إذ أن الفرص لا تقتصر على خلق مصانع لإنتاج الأدوية من القنب الهندي و المكملات الغذائية، بل ستساهم في دعم التصدير و تعزيز الإقتصاد الوطني، و هو ما سيساهم بشكل كبير في جلب العملة الصعبة و تحفيز النشاط الإقتصادي في البلاد.
و بين الخبير أن الإستثمار في هذه الصناعات سيتطلب إنشاء بنية تحتية صناعية متطورة، و هو ما سيساعد في خلق دورة إقتصادية جديدة على المستوى الوطني، متوقعا أن تكون غالبية المنتجات المصدرة في هذا القطاع موجهة للأسواق الدولية، ما يعزز من فرص المغرب في التوسع الإقتصادي و الإندماج في الإقتصاد العالمي.
ختامًا، أكد الخبير الإقتصادي، علي الغنبوري أن مستويات الإستفادة من هذه الأنشطة تنقسم إلى ثلاثة جوانب أساسية، الأول هو تنشيط الدورة الإقتصادية المحلية في المناطق التي تعتمد على هذه الزراعة؛ الثاني هو الشرعية الإقتصادية التي ستساهم في رفع الإيرادات الجبائية؛ و الثالث هو الفرص الإستثمارية التي سيوفرها هذا القطاع، و هو ما سيعود بالنفع على الإقتصاد المغربي بشكل عام، خاصة في ظل التوجهات العالمية المتزايدة نحو الإستثمارات في هذا المجال.
الجدير بالذكر أن المملكة المغربية صدرت و لأول مرة نبات القنب الهندي، المنتج بشكل قانوني على أراضيها، حيث تم بيع مائة كيلوغرام من الراتنج الذي يحتوي على أقل من 1% من مادة THC -المسؤولة عن التأثيرات النفسية- إلى سويسرا في الربع الثاني من هذا العام.
و حسب ما أوضحته جريدة “لوموند” الفرنسية، فإن كلفة الكيلوغرام الواحد تراوحت ما بين 1400 و 1800 يورو، للكيلوغرام الواحد، و على الرغم من البالغ الرمزية التي تم جنيها إلا أن الصادرات المحققة أثارت اهتماما متزايدا.