توعّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمواصلة الحرب في أوكرانيا رغم اعترافه بتقدم العمليات العسكرية ببطء شرقا، في حين أعلنت كييف العثور على مزيد من القبور الجماعية في إيزيوم التي استعادتها مؤخرا، وسط تنديد غربي بما أسموها جرائم الحرب الروسية.
وفي أول تعليق صريح له منذ إعلان كييف استعادة آلاف الكيلومترات المربعة من القوات الروسية شرق البلاد، قال بوتين إن “العملية الخاصة الروسية تمضي بوتيرة بطيئة، لكنها تتم بثبات”، مؤكدا أن موسكو تستخدم “جزءا فقط من جيشها”.
وأضاف بوتين من سمرقند في أوزبكستان على هامش مشاركته في قمة منظمة شنغهاي للتعاون، أنه “خطوة بخطوة، يسيطر الجيش الروسي على المزيد والمزيد من الأراضي”، وقال “لسنا مستعجلين على نهاية الحرب”، وهدد بتعزيز الهجمات على البنية التحتية المدنية لأوكرانيا.
ولفت الرئيس الروسي إلى أن “قوات بلاده نفذت ضربات تحذيرية قبل فترة وجيزة تركزت على بعض الأهداف الحساسة في أوكرانيا، لكن إذا تطور الوضع أكثر، فسيكون ردنا أكثر جدية”.
وشدد بوتين على أن هدف روسيا الرئيسي هو تحرير إقليم دونباس، وأن سلطات كييف رفضت الاستمرار في المفاوضات، مؤكدا أن موسكو توافق على الحاجة إلى ضمانات أمنية، لكن سلطات كييف رفضت ذلك أيضا.
الموقف الأميركي
وفي المعسكر المقابل، قال منسق الاتصالات في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن الولايات المتحدة ستواصل التركيز على دعم أوكرانيا لضمان نجاحها في ساحة المعركة وعلى طاولة المفاوضات.
وأشار كيربي -خلال مؤتمر صحفي- إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هو الوحيد الذي يستطيع تقييم نجاح أو فشل العمليات.
وأعلن البيت الأبيض الخميس أنه وافق على منح أوكرانيا مساعدة عسكرية إضافية بقيمة 600 مليون دولار، وذلك رغم التحذيرات الروسية من تزويد كييف بصواريخ بعيدة المدى.
مقابر جماعية
في غضون ذلك، أعلنت السلطات الأوكرانية العثور على مزيد من القبور الجماعية لنحو 445 شخصا قرب إيزيوم في مقاطعة خاركيف، التي استعادت مؤخرا أجزاء كبيرة منها خلال هجومها المضاد.
كما قالت الشرطة إنها عثرت على 50 جثة لمدنيين في خاركيف، إضافة لاكتشاف 10 غرف تعذيب في مناطق استعيدت من الجيش الروسي في المقاطعة.
وخلال كلمة مصورة له، حمّل الرئيس الأوكراني روسيا المسؤولية عن ذلك، وطالب بمحاسبتها، داعيا العالم لتحميلها المسؤولية، كما أكد أن بلاده ستقوم بكل ما يمكن لتنفيذ ذلك.
وقال زيلينسكي إن هناك بعض الأدلة على ارتكاب روسيا جرائم حرب في المناطق التي استعادت القوات الأوكرانية السيطرة عليها، مشيرا إلى أن بلاده ستفتح تحقيقا في الجرائم المرتكبة بتعاون دولي.
وبشأن المفاوضات، قال زيلينسكي إن القيام بصفقة مع روسيا بدافع الخوف سيأتي بأسوأ نتيجة.
وكان زيلينسكي قال إن قوات بلاده استعادت كافة أراضي مقاطعة خاركيف تقريبا، مضيفا أن الجيش فعل ما اعتقد كثيرون أنه شيء مستحيل.
كما أوضح الرئيس الأوكراني أن الجيش الروسي بقي في خاركيف أكثر من 5 أشهر، دمر خلالها قرى بأكملها. واتهم روسيا بارتكاب إبادة جماعية في تلك المنطقة.
تنديد غربي
وفي ذات الشأن، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل إنه يشعر بصدمة كبيرة بعد العثور على مقبرة جماعية قرب إيزيوم، وإنه يدعم كافة الجهود لمحاسبة المتورطين.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في مؤتمر صحفي بواشنطن، إن التقارير المتعلقة بالمقابر الجماعية في أوكرانيا أمر مثير للرعب.
وأضاف بلينكن أن بلاده ترفض تصنيف روسيا دولة راعية للإرهاب، مشيرا إلى أن العقوبات الأخرى تحقق الهدف الذي كان سيترتب على ذلك التصنيف، وفق تعبيره.
وأكد أن التقارير عن وجود مقبرة جماعية تضم 440 شخصا في إيزيوم “مفجعة، ويجب أن تزيد الدعم للأوكرانيين الساعين إلى تحرير وطنهم”.
وغرد وزير الخارجية الأميركي على تويتر بتأكيد وقوف بلاده إلى جانب أوكرانيا في مساعيها للمساءلة عن تلك الجرائم.
بدروه، ندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة بما وصفها بأنها “فظائع” ارتُكبت في مدينة إيزيوم في شرق أوكرانيا التي استعادها الجيش الأوكراني من القوات الروسية.
وقال ماكرون على تويتر إن هؤلاء المسؤولين “يجب أن يحاسبوا على أفعالهم”، مضيفا “لا يوجد سلام من دون عدالة”.
“سيناريو معروف”
ومقابل هذه الاتهامات الغربية، وصف رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الدوما الروسي ليونيد سلوتسكي تصريحات زيلينسكي بشأن العثور على مقابر جماعية في إيزيوم، بأنها “استفزاز رخيص جديد وكذب خال من أي أساس”.
وقال سلوتسكي في حديث لوكالة تاس الروسية إن “السيناريو المقبل معروف، وسيظهر في المكان صحفيون ومصورون سيلتقطون صورا لوسائل الإعلام أيضا، ولن يرى أحد أي أدلة”.
وتابع أنه “وفق الطريقة المستخدمة سابقا أكثر من مرة، ستوجّه اتهامات إلى روسيا مصحوبة بدعوات إلى فرض عقوبات جديدة عليها، وتسليم أسلحة إضافية لأوكرانيا”.