الحدث بريس : الصادق عمري علوي.
هناك قصة شفوية تروى على لسان شيخ بلغ من العمر عتيا ، من قصر جاوز جماعة مدغرة ، يروي لجلسائه حكايات وقصص زمن مضى وقت الشتاء ، ومن تلك الحكايات والقصص الفريدة قصة ” بيض الغول ” يقول : كان هناك تاجر أثواب وعطور يهودي إسمه ” دودو ” قصير القامة يرتدي جلبابا من الصوف متمنطقا بحزام أصفر و يرتدي نعلا من الجلد المتين ، سائقا أمامه بغلته .. يزور من حين لآخر قصور وقصبات منطقة مدغرة لشراء الزيت … أثناء موسم جني الزيتون .. من المعاصر التقليدية ، كان يضع على ” بغلته ” شواري ” عريض ، بداخله قلتين من الفخار “يعبيء فيهما ما اشتراه من زيت لإعادة بيعها ب “قصر السوق ” الرشيدية حاليا ، وذات يوم كان يجلس على حصير بظل حائط في إحدى المعاصر، وكان أحد تجار المنطقة يتعامل معه ، ويتجاذب معه أطراف الحديث فاقترح عليه فكرة شراء فدان بالمنطقة ، ولاقناعه أخذ يعدد له مزايا الفدان الكبيرة ، وما سيجنيه منه إذا اشتراه وغرسه زيتونا .. قبل اليهودي فكرة التاجر وطلب منه أن يصحبه إلى مكان وجود الفدان ، ولما وصلا إلى المكان ، تجول اليهودي في أرجاء الفدان وانحنى يقلب التربة بكفه و اعتدل قائما وقد حمل في كفه “حجرة ” دائرية الشكل ، رمادية اللون ،ملساء السطح ، ثم وجه كلامه للتاجر قائلا : لن أشتري هذا الفدان ولو سلمه لي صاحبك بمزونة … تعجب التاجر من كلامه وقال له : لماذا يادودو ؟ الفدان واسع ،مستوي ” مزيان ” .. أجابه على الفور : رغم اتساعه واستوائه كما تقول يوجد به “بيض الغول ” .. ! .. قول ” لشاحبك يغرش فيه لقصب احسن.”
زاد استغراب التاجر وطلب من اليهودي تفسير معنى ” بيض الغول ” قال له أتريد أن تعرف ؟ … إن هذا الفدان تسكن تحت تربته الرملية أحجار الوادي الملساء ، وعندما تمطر ستتدفق السيول من شتى الشعاب وسيكون هذا الفدان وما جاوره في خبر كان ، سيتعرض للمحو التام . لذلك قل لصاحبك غراسته بالقصب ، ربما ينمو بعد عام ويتكاثف ، ويحمي المزرعة .. وقد يحول مجرى الوادي .
سقنا هذه الرواية الشفوية لا لتبيان ذكاء اليهودي واحترازه ، لأن المنطقة بها أذكياء على درجة من الفطنة أقوى منه ، ولكن للتنصيص على خطورة وضع بناية أو ملعب رياضي ، أو القيام بالتوسع العمراني العشوائي قرب مساقط المياه ، ولنا عبرة في أجدادنا عندما أرادوا بناء القصبات و أماكن إنشاء البيادر والغلال … ” كانوا يختارون لها الأماكن المرتفعة لحمايتها من الإنهيار وقت غضب الطبيعة ، أوهجمات المغيرين …ولكن الذي نستغرب له هو هذا الملعب الموجود بإحدى القرى المغربية، وهذه صورته لعل منتخبي هذه المنطقة يبتعدون من ” بيض الغول ” ويغيرون مكانه .. فياله من ملعب يبرز من بعيد بشكله الهندسي الغريب ..!