يشهد ملف الصحراء المغربية تطورات دبلوماسية متسارعة، مع إعلان نائب جمهوري بارز في الكونغرس الأميركي عن مبادرة تشريعية لتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية، في خطوة غير مسبوقة تنذر بتحول جذري في مقاربة واشنطن للنزاع المستمر منذ عقود.
جو ويلسون، عضو لجنة الشؤون الخارجية ولجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، أعلن عبر منصة “إكس” عزمه تقديم مشروع قانون بهذا الخصوص، قائلاً إن “إيران وبوتين يسعيان لإيجاد موطئ قدم في إفريقيا من خلال البوليساريو… اربطوا النقاط: محور العدوان”.
ويتزامن هذا التوجه مع تنسيق دبلوماسي رفيع المستوى بين الولايات المتحدة والمغرب وفرنسا، يستهدف الدفع نحو حسم النزاع على أساس مبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها الرباط، والتي باتت تُطرح بشكل متزايد كخيار وحيد واقعي في ظل انسداد أفق التسوية الأممية التقليدية.
مصادر دبلوماسية مطلعة على سير المشاورات كشفت أن هذا التنسيق يشمل العمل على بلورة موقف دولي موحد لتصنيف جبهة البوليساريو كتنظيم إرهابي، إلى جانب الدفع نحو إخراج ملف الصحراء من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة المكلفة بتصفية الاستعمار، في إشارة واضحة إلى رغبة في تجاوز الصيغة الأممية التي لم تحقق أي اختراق فعلي في الملف.
ورغم هذا الزخم، فإن الاتجاه الحالي يمنح الجزائر، باعتبارها الطرف الداعم للبوليساريو، مهلة محدودة للتجاوب مع الطرح الأميركي الداعي إلى فتح مفاوضات على أساس الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وفي حال عدم التجاوب، ستمضي واشنطن ومعها حلفاؤها نحو خطوات تصعيدية تشمل التصنيف الإرهابي وسحب الملف من دوائر الأمم المتحدة المعنية.
التحرك الأميركي يستند أيضاً إلى إعلان جبهة البوليساريو انسحابها من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991، بعد تدخل القوات المسلحة الملكية في معبر الكركرات لتأمين حركة النقل المدني والتجاري، وهو ما اعتُبر دليلاً على الطبيعة العدوانية المتصاعدة للجبهة، في وقت كانت فيه الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس والحوار.
في هذا السياق، باشرت واشنطن مراجعة دور بعثة المينورسو، وعبّرت لمسؤولين أمميين عن نيتها تقليص مساهمتها المالية في حال استمر الجمود، خصوصاً وأن الولايات المتحدة تُعد الممول الأول للبعثة بما يزيد عن ربع ميزانيتها السنوية.
هذا التوجه يعكس قناعة متنامية لدى الإدارة الأميركية بأن الاستفتاء لم يعد مطروحاً، وأن الحل الواقعي الوحيد هو مشروع الحكم الذاتي المغربي.