أعلن مكتب الصرف أن الفاتورة الطاقية للمغرب قد بلغت 18,33 مليار درهم بنهاية فبراير 2025، مسجلة انخفاضًا بنسبة 1,9% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. هذا التراجع في واردات المنتجات الطاقية يعود بشكل رئيسي إلى انخفاض إمدادات الكازوال والوقود بنسبة 4,9% نتيجة لانخفاض الأسعار بنسبة 12,4%، على الرغم من زيادة الكميات المستوردة بنسبة 8,6%.
يشير هذا إلى تأثيرات التغيرات السعرية العالمية على واردات المغرب من الطاقة، حيث يمكن ملاحظة أن انخفاض الأسعار العالمية قد أسهم في تقليص فاتورة الطاقة رغم الزيادة في الكميات.
إلى جانب ذلك، شهدت واردات “غاز البترول والهيدروكربونات الأخرى” تراجعًا بنسبة 20,1%، حيث بلغت قيمتها 1,48 مليار درهم. هذا التراجع يعكس انخفاضًا ملحوظًا في الحاجة إلى هذه المواد نتيجة لتغيرات في أسعار الأسواق العالمية.
وبالرغم من هذه الانخفاضات في بعض بنود الفاتورة الطاقية، إلا أن استمرار زيادة الكميات المستوردة من الكازوال والوقود يشير إلى أن الطلب المحلي على الطاقة لا يزال مرتفعًا، وهو ما يعكس النمو في القطاعات التي تعتمد على هذه المنتجات.
ومع ذلك، لا يمكن النظر إلى هذا التراجع في الفاتورة الطاقية بمعزل عن الأوضاع الاقتصادية الكلية في المغرب. فقد سجل العجز التجاري للمغرب ارتفاعًا بنسبة 22,1% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث بلغ 50,74 مليار درهم.
هذا العجز نتج عن زيادة واردات السلع بنسبة 7,4%، لتصل إلى 124,20 مليار درهم، في حين تراجعت الصادرات بنسبة 0,8%، مسجلة 73,45 مليار درهم. يتضح من هذه البيانات أن تزايد العجز التجاري يعود بشكل رئيسي إلى ارتفاع تكلفة الواردات، بما في ذلك المنتجات الطاقية، وهو ما يشكل ضغطًا على ميزان المدفوعات الوطني.
إن انخفاض الفاتورة الطاقية في المغرب رغم زيادة الكميات المستوردة من بعض المنتجات يشير إلى تأثيرات مزدوجة على الاقتصاد الوطني:
من جهة، استفاد المغرب من انخفاض أسعار الطاقة العالمية، مما خفف من العبء المالي على واردات الطاقة.
ومن جهة أخرى، لا يزال العجز التجاري يتفاقم نتيجة للزيادة في الواردات بشكل عام، بما في ذلك السلع والمنتجات الطاقية. يظهر هذا التناقض أن المغرب لا يزال بحاجة إلى استراتيجيات فعّالة للحد من التبعية للمنتجات المستوردة، خصوصًا في مجال الطاقة، والعمل على تعزيز الإنتاج المحلي.
وفي هذا السياق، تصبح الحاجة إلى تسريع التحولات الاقتصادية والبحث عن مصادر بديلة للطاقة أكثر إلحاحًا.
يتطلب الأمر أيضًا تحسين الإنتاج المحلي في القطاعات الحيوية مثل الطاقة المتجددة، والتي قد تساهم في تقليص هذه التبعية.
بالإضافة إلى ذلك، على المغرب التركيز على تطوير الصناعات المحلية لزيادة صادراته وتقليل الاعتماد على الواردات، وبالتالي تحسين ميزان المدفوعات وتقليل العجز التجاري.
إجمالًا، يعكس هذا التقرير مؤشرًا على تغيرات سوق الطاقة العالمية وتأثيراتها المباشرة على الاقتصاد المغربي. ورغم الانخفاض الطفيف في الفاتورة الطاقية، تظل التحديات الاقتصادية قائمة، مما يستدعي اتخاذ خطوات استراتيجية للمضي قدمًا في تقوية الاقتصاد الوطني.