منذ عودته إلى البيت الأبيض، بدا أن دونالد ترامب يصطدم بجدار الرفض الدولي، على عكس ما وعد به خلال حملته الانتخابية من قدرة على إبرام “صفقات سريعة” مع خصوم الولايات المتحدة التقليديين، مثل روسيا والصين وإيران. ففي أقل من 48 ساعة، تلقى إشارات واضحة من هذه العواصم الثلاث تؤكد أن ما كان يروج له في خطابه الانتخابي يفتقر إلى أرضية تفاهم حقيقية في الواقع الدولي المتغير.
خلال الأشهر الماضية، بالغ ترامب في الترويج لقدرته على إنهاء الحرب في أوكرانيا من خلال تفاهم مباشر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لكن الموقف الروسي لم يتغير، واستمر في التشدد، في وقت لم تُبدِ موسكو أي مؤشرات على الاستعداد لإبرام تسوية بشروط أمريكية. كذلك، لم تلقَ دعوات ترامب لعقد اتفاق تجاري جديد مع الصين استجابة تُذكر، وسط موقف صيني يتسم بالحذر والبراغماتية، يرى في ترامب زعيمًا يصعب الوثوق باستمرارية توجهاته.
في المقابل، ظل الملف الإيراني على حاله، إذ ترفض طهران العودة إلى طاولة المفاوضات وفق التصور الذي يطرحه ترامب بشأن “صفقة نووية أفضل”، وتُظهر تمسكاً باستقلالية قرارها السياسي في ظل احتدام الأزمات الإقليمية. ما يكشف عن غياب فعلي لأي رغبة في التفاعل الإيجابي مع الضغوط اللفظية أو أسلوب “رجل الصفقات”.
تعكس هذه المواقف تحولاً لافتاً في طريقة تفاعل القوى الدولية مع شخصية ترامب، الذي كان يعول كثيراً على أسلوبه المباشر وتجاربه في عالم المال والأعمال. لكن المشهد العالمي اليوم أكثر تعقيداً وتشابكاً، ما يجعل من أسلوب الصفقات السريعة ورقة محدودة التأثير أمام حسابات استراتيجية أعمق وأكثر رسوخاً. يبدو أن “سحر ترامب” لم يعد كافياً لإقناع خصومه، في عالم تغيّرت فيه موازين القوة والثقة.