في تحرك جديد يعكس تغييرًا في توجه السياسة الأميركية تجاه القارة الأفريقية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن بلاده ستنتقل من تقديم المساعدات إلى عقد صفقات تجارية تعزز المصالح المتبادلة، مشيرًا إلى أن أفريقيا تمثل فرصة اقتصادية كبرى لما تحتويه من معادن وموارد طبيعية حيوية.
وخلال فعالية عقدت في البيت الأبيض، التقى ترمب قادة من الغابون، غينيا بيساو، ليبيريا، موريتانيا، والسنغال، مؤكداً أن إدارته “ملتزمة بتعزيز الصداقة مع أفريقيا من خلال جهود تنموية تستفيد منها الولايات المتحدة وشركاؤها”. واعتبر ترمب أن نهج التجارة أكثر فعالية واستدامة من المساعدات التقليدية التي وصفها بأنها محدودة الأثر على المدى الطويل.
المصالح الأميركية تبدو مرتبطة بشكل مباشر بالموارد التي تختزنها الدول الأفريقية، فرغم أن هذه الدول تُعد من الاقتصادات الأصغر في القارة بناتج إجمالي لا يتجاوز 75 مليار دولار، إلا أنها غنية بالمعادن النادرة والاستراتيجية. الغابون تضم خام الحديد عالي الجودة وتعد عضواً في منظمة أوبك، بينما تمتلك غينيا بيساو رواسب من البوكسيت والفوسفات والألمنيوم، إلى جانب شراكات أمنية مع واشنطن في مكافحة تجارة المخدرات. أما ليبيريا، فهي غنية بمعادن مثل الليثيوم والكوبالت والمنغنيز والنيوديميوم، الضرورية لصناعة البطاريات والتكنولوجيا الحديثة.
في موريتانيا، بدأ إنتاج الغاز من مشروع “أحمييم تورتو” المشترك مع شركة “بي بي”، ويجري تقييم مشروع جديد لليورانيوم بدعم أميركي. السنغال من جهتها شرعت في تصدير الغاز الطبيعي المسال هذا العام، وتخطط لتطوير مشاريع توليد كهرباء تعتمد على الغاز، ضمن خطة طويلة لتقليل الاعتماد على النفط والفحم.
ترمب أعلن كذلك عن إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، مبررًا ذلك بما وصفه بـ”الهدر وسوء الاستخدام”، ومشيرًا إلى أن الجهود المستقبلية ستركز على خلق فرص اقتصادية ملموسة. وكانت الوكالة تمول مشاريع تنموية محلية في عدة دول أفريقية، تشمل برامج تعليمية وصحية.
الرئيس الأميركي اعتبر أن التجارة ليست مجرد أداة اقتصادية بل مدخل لحل النزاعات، مؤكدًا أن عدداً من اتفاقيات السلام تم توقيعها بفضل هذا النهج، مثل الاتفاق بين الكونغو ورواندا. وأوضح أن مبدأ “لا تجارة مع من يخوض الحروب” كان فاعلاً أيضاً في حالات مثل الهند وباكستان أو كوسوفو وصربيا، معتبراً أنه ساعد على تهدئة التوترات.
ويأتي هذا التوجه الأميركي وسط سباق دولي على تأمين سلاسل التوريد للمعادن الاستراتيجية، التي تُعد ضرورية للتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة والصناعات المتقدمة. وبينما تُطرح الشراكات الاقتصادية بوصفها نزيهة ومربحة للطرفين، يرى مراقبون أن الهدف الأعمق يتمثل في ترسيخ النفوذ الأميركي على حساب منافسين كبار مثل الصين وروسيا.