أثارت التعليمات الصادرة عن السلطات المحلية في بعض أقاليم المملكة بشأن تعليق بعض الأنشطة المرتبطة بعيد الأضحى تفاعلات متباينة في الأوساط القانونية و الدينية، وسط تساؤلات حول مدى توافق هذا القرار مع الخصوصية الدينية و الإجتماعية لشعيرة الأضحى في المغرب.
و بحسب مصادر، فإن رجال السلطة من باشاوات و قياد توصلوا بتوجيهات شفهية تدعو إلى الحد من المظاهر المرتبطة بعيد الأضحى لهذه السنة، و ذلك في سياق الظرفية المناخية و الإقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، من أبرز تجلياتها تفاقم أزمة الجفاف و تراجع أعداد القطيع الوطني.
التعليمات شملت، حسب ذات المصادر، منع بيع الأضاحي في المرآئب و الضيعات الفلاحية و الأسواق، بالإضافة إلى منع عرض الأعلاف و التبن في الأماكن غير المرخصة، و حظر نشاط شحذ السكاكين في الأزقة و الأسواق الشعبية، و كذا منع بيع الفحم المخصص للشواء في الفضاءات العامة، و ذلك في مسعى للحد من مظاهر العيد التي قد تشجع بعض الأسر على ذبح الأضحية، رغم الظروف الصعبة التي يعيشها القطاع الفلاحي.
في هذا السياق، يرى الباحث في الشأن القانوني ياسين الحناني أن التساؤلات التي أثيرت بشأن تعليمات شفهية صادرة عن السلطات المحلية في عدد من المدن و الأقاليم، تقضي بمنع عدد من الممارسات الدينية و الشعبية المرتبطة بعيد الأضحى، مثل ذبح الأضاحي و بيع الأكباش و تسويق الفحم و الأعلاف و الأدوات المرتبطة بهذه الشعيرة، أعادت إلى الواجهة الإشكالات القانونية المرتبطة بإمكانية معاقبة من يخالف هذه التعليمات.
و أكد الحناني أن تجريم الممارسات المرتبطة بشعيرة عيد الأضحى، بما في ذلك ذبح الأضاحي، يتطلب صدور قرار واضح و مكتوب، سواء في شكل تشريع عادي أو قرار إداري معلن، يستوفي الشروط الشكلية و الموضوعية للمشروعية.
و أوضح الباحث أن العقوبات المفروضة على المخالفين لا يمكن أن تُبنى على تعليمات غير مكتوبة أو غير معلنة، لما يشكله ذلك من خرق واضح لمبادئ العدالة، و على رأسها مبدأ الشرعية و مبدأ الوضوح و الشفافية، معتبرا أن أي قرار في هذا الإطار يجب أن يستند إلى المبادئ التي تحكم القانون الإداري، بما يضمن مشروعية تصرفات الإدارة تجاه المواطنين.
مع ذلك، يشير الحناني إلى أن الظرفية الحالية، و ما تفرضه من ضرورات مرتبطة بحماية النظام العام و القطيع الوطني، قد تبرر بشكل إستثنائي صدور تعليمات شفهية، مبرزا أن الإجتهاد القضائي المغربي سبق له أن إعترف بمشروعية مثل هذه القرارات في حالات ضيقة، شرط أن تكون هناك حالة إستعجال قصوى أو ضرورة ملحة.
و يضيف الباحث في الشأن القانوني أن القرار الشفهي الصادر في هذا السياق يتسم بطابع إستعجالي، و يستند إلى دوافع تتعلق بحماية القطيع الوطني و الطبقة الفقيرة، إلى جانب ترسيخ قيم التضامن و التكافل داخل المجتمع.
و إنتهى إلى إعتبار أن هذه التعليمات، رغم طابعها الشفهي، تعد من الناحية القانونية مشروعة و ملزمة.