لا تزال ردود الفعل الغربية تتوالى إزاء قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تنفيذ تعبئة جزئية لجنود الاحتياط للقتال في أوكرانيا، وقد اتفقت دول الاتحاد الأوروبي على إعداد عقوبات جديدة ضد موسكو تستهدف أفرادا وهيئات.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في ختام اجتماع استثنائي غير رسمي عقده وزراء خارجية دول الاتحاد، مساء الأربعاء، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إن الوزراء اعتمدوا بيانا “يدين بشدة التصعيد الروسي الأخير”.
وصرح بوريل بأن دول الاتحاد ستواصل زيادة مساعداتها العسكرية لأوكرانيا، كما ستدرس وتقرّ إجراءات تقييدية جديدة ضد شخصيات وكيانات روسية، وفق تعبيره.
وأوضح أنه لم يكن ممكنا فرض العقوبات على روسيا في اجتماع الأربعاء، لأنه لم يكن رسميا، مشيرا إلى أن قرارا نهائيا بهذا الصدد يفترض أن يصدر في اجتماع رسمي للتكتل.
من جهة أخرى، تعهدت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس، في خطابها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، مساء الأربعاء، بمواصلة تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا إلى حين انتصارها على روسيا.
وقالت تراس إنه “في هذه اللحظة الحرجة من النزاع، أعد بأننا سنواصل، أو نزيد، دعمنا العسكري لأوكرانيا”.
وحذت تراس حذو العديد من القادة الغربيين الذين شنّوا من على منبر الجمعية العامة هجوما حادا على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد ساعات قليلة من إعلانه أول تعبئة للقوات الروسية في وقت الحرب، منذ الحرب العالمية الثانية.
وقالت رئيسة الوزراء البريطانية إن قرار بوتين استدعاء جزء من احتياطي الجيش يعكس “الفشل الذريع” الذي منيت به قواته في محاولتها غزو أوكرانيا، ويعزز تصميم الحلفاء الغربيين على دعم كييف.
وأضافت “بينما أنا أتحدث، هناك أسلحة بريطانية جديدة تصل إلى أوكرانيا”.
وأكدت زعيمة حزب المحافظين التي تولت رئاسة الوزراء أخيرا أن بلادها تتعهد بإنفاق 3% من إجمالي ناتجها المحلي على موازنة الدفاع بحلول 2030، وهي نسبة أعلى بكثير من الحد الأدنى البالغ 2% والمفترض بالدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) إنفاقه على الأغراض الدفاعية.
احتجاجات
في غضون ذلك، أفادت تقارير صحفية غربية باندلاع احتجاجات في مدن روسية عديدة رفضا لقرار التعبئة الجزئية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن منظمة “أو في دي-إنفو” غير الحكومية أنها رصدت اعتقال السلطات الروسية 1332 شخصا في مظاهرات خرجت الأربعاء في 38 مدينة روسية؛ عقب إعلان بوتين قرار التعبئة في خطاب متلفز إلى الأمة.
ووصفت الوكالة الأحداث بأنها أكبر احتجاجات منذ تلك التي أعقبت إعلان بوتين قراره شن عملية عسكرية في أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي.
وقالت الوكالة إن عناصر من الشرطة مزودين بعتاد مكافحة الشغب أوقفوا 50 شخصا على الأقل في شارع تسوق رئيسي وسط العاصمة الروسية موسكو.
وأضافت أن عناصر من الشرطة في سان بطرسبورغ أحاطوا بمجموعة صغيرة من المتظاهرين، واعتقلوهم الواحد تلو الآخر، وكان المتظاهرون يهتفون “لا للحرب”، و”لا للتعبئة”.
تفاصيل التعبئة
وبمقتضى مرسوم التعبئة الذي وقعه بوتين، يجري استدعاء فوري لجزء من قوات الاحتياط ممن خدموا في السابق بالجيش الروسي ولديهم خبرة قتالية أو مهارات عسكرية متخصصة، ولن يشمل القرار الطلاب أو المجندين الذين يخدمون لفترات إلزامية مدتها 12 شهرا في القوات المسلحة.
ووفقا لما صرح به وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو للتلفزيون الرسمي الأربعاء، فإن الجيش سيستدعي في البدء 300 ألف جندي على مراحل، بدلا من استدعاء كامل يعتمد على قوة احتياطية هائلة قوامها 25 مليونا كما قال الوزير.
وأوضح شويغو أن المهمة الرئيسة لجنود الاحتياط ستكون تعزيز خط الجبهة في أوكرانيا، الذي يتجاوز طوله حاليا ألف كيلومتر.
وفضلا عن تصريحات وزير الدفاع، نشرت تفاصيل أخرى لخطة التعبئة على موقع الكرملين على الإنترنت. وقال الكرملين إن جزءا من المرسوم لم ينشر عن عمد.
وتتطلع القوات الروسية إلى جنود شغلوا في السابق مواقع محددة ومتخصصة في الجيش، مثل سائقي الدبابات وخبراء المفرقعات والقناصة، لكن القائمة الدقيقة للتخصصات التي يطلبها الجيش سرية لأنها ستكشف عن المجالات التي ينقصها أفراد.
وسيحصل جنود الاحتياط على حوافز مالية، كما أن مستوى أجورهم سيتساوى مع أجور العسكريين العاملين بصفة دائمة في القوات المسلحة الروسية الذين يتقاضون رواتب أكبر بكثير من متوسط الأجور في روسيا.
ولا يمكن الخروج من الجيش أو من قوة الاحتياط إلا لأسباب تتعلق بالسن أو الصحة، وهو ما تبتّ فيه لجنة طبية عسكرية، أو لمن صدر فيهم حكم قضائي بالسجن.
من جهة أخرى، قالت وزارة الدفاع البريطانية، اليوم الخميس، في منشورها الاستخباري اليومي عبر تويتر، إن من المرجح أن تواجه روسيا تحديات لوجستية وإدارية في تعبئة 300 ألف فرد، واستبعدت أن تكون هذه القوات جاهزة للقتال إلا بعد أشهر عدة.
وأشارت إلى أن هذه التعبئة الجزئية لن تحظى على الأرجح بتأييد واسع لدى قطاعات من الشعب الروسي، وبذلك فإن بوتين يتحمل مخاطر سياسية كبيرة على أمل توليد قوة قتالية تشتد الحاجة إليها، وفقا للمنشور.
وأضافت وزارة الدفاع البريطانية أن هذه الخطوة هي في الواقع اعتراف بأن روسيا قد استنفدت مخزونها من المتطوعين الراغبين بالقتال في أوكرانيا.
المصدر : الجزيرة + وكالات