قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أمس الاثنين خلال مؤتمر صحفي في العاصمة المكسيكية إن الهجوم المضاد الذي تشنه أوكرانيا على القوات الروسية لا يزال في أيامه الأولى، مؤكدا أن القوات الأوكرانية حققت “تقدمًا كبيرًا”.
وأضاف بلينكن “من السابق لأوانه أن نقول بالضبط إلى أين سيأخذنا كل هذا” مذكرًا بأن “الروس يحتفظون بقوات كبيرة جدًا في أوكرانيا، بالإضافة إلى معدات وذخيرة”.
وتابع الوزير الأمريكي “لكن من الواضح أن الأوكرانيين يحرزون إنجازات كبيرة، بخاصة في شمال شرق” بلدهم.
ونوه بلينكن بشجاعة الأوكرانيين في الدفاع عن وطنهم، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ستواصل تزويدهم بالسلاح والذخيرة وبكل ما هو ضروري.
أوكرانيا تستعيد 6 آلاف كيلومتر
وقد توغلت القوات الأوكرانية أكثر في أراض استعادتها من القوات الروسية الهاربة أمس الاثنين وعاد السكان المبتهجون إلى القرى التي كانت في السابق على خط الجبهة في حين أمطرت موسكو منطقة خاركيف بالقذائف مما أدى إلى اشتعال حرائق في أنحاء المدينة الرئيسية بالمنطقة.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن القوات الأوكرانية استعادت منذ بداية الشهر الجاري 6 آلاف كيلومتر مربع من الأراضي التي سيطرت عليها روسيا.
وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن قواتها استعادت أكثر من 20 بلدة وقرية في اليوم السابق وحده. وأضافت في تحديث مسائي أن قواتها في مكان أبعد إلى الجنوب صدت محاولات تقدم روسية في منطقتين مهمتين في إقليم دونيتسك هما مدينة باخموت ومايورسك بالقرب من بلدة هورليفكا المنتجة للفحم.
وقالت زويا (76 عامًا)، وهي مدرسة متقاعدة للغة الإنجليزية في قرية زولوتشيف الهادئة الآن “الناس يبكون، الناس مبتهجون بالطبع. كيف لا يكونون مبتهجين؟”. وبكت زويا وهي تصف الشهور التي قضتها في القبو.
وتقع القرية شمالي خاركيف وتبعد 18 كيلومترا فقط عن الحدود الروسية، وفرت ناستيا (28 عاما) منها في أبريل/ نيسان الماضي لكنها عادت في الأسبوع الماضي بعد ذيوع أنباء الانتصارات الأوكرانية.
وقالت وهي تقف في طابور للحصول على احتياجاتها من محل بقالة ومعها طفلان “أعتقد أن الجميع في حالة (مزاجية) رائعة. كل شيء انتهى الآن. على الأقل نأمل في أن يكون كل شيء انتهى”.
واعترف فيتالي جانتشيف الرئيس المعين من قبل روسيا للإدارة في المنطقة التي ما زالت روسيا تحتلها من منطقة خاركيف بأن القوات الأوكرانية أحرزت تقدما نحو الحدود.
وقال مسؤول عسكري أمريكي كبير إن روسيا، بحسب تقديرات الولايات المتحدة، تخلت إلى حد كبير عن مكاسبها بالقرب من خاركيف.
وأضاف المسؤول العسكري، الذي تحدث للصحفيين شريطة عدم الكشف عن هويته، “ميدانيا بالقرب من خاركيف، تشير تقديراتنا إلى تخلي القوات الروسية إلى حد كبير عن مكاسبها للأوكرانيين وانسحابها إلى الشمال والشرق. عبر كثير من هؤلاء الجنود الحدود إلى روسيا”.
طوارئ دفاعية
ولاذ الرئيس فلاديمير بوتين وكبار مسؤوليه بالصمت في مواجهة أسوأ هزيمة للقوات الروسية منذ طردها من مشارف العاصمة كييف في أسابيع الحرب الأولى. وتجاهل دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين سؤالا وجهه إليه صحفي عما إذا كان بوتين محتفظا إلى الآن بالثقة بقادة الجيش.
وقال بيسكوف “العملية العسكرية الخاصة مستمرة وستستمر إلى أن تحقق الأهداف المحددة لها من الأصل”.
وظهر بوتين في وقت لاحق على شاشة التلفزيون الرسمي وهو يرأس اجتماعا عن الاقتصاد لم يذكر فيه التقهقر، وقال إن روسيا صامدة جيدًا في مواجهة العقوبات الغربية”. وأضاف “أساليب الحرب الاقتصادية الخاطفة والهجمة التي يعتمدون عليها لم تفلح”.
وبعد مرور أيام على تجنب الموضوع اعترفت وزارة الدفاع الروسية يوم السبت بأنها تخلت عن إيزيوم، معقلها الرئيسي في شمال شرق أوكرانيا، وبالاكليا المجاورة قائلة إن ذلك “إعادة تجميع” للقوات مقررة مسبقا.
وبينما انسحب آلاف الجنود الروس تاركين وراءهم ذخائر ومعدات، أطلقت روسيا صواريخ على محطات الكهرباء أمس الأحد مما تسبب في انقطاعات للتيار الكهربائي في خاركيف ومنطقتي بولتافا وسومي المجاورتين.
واستنكرت أوكرانيا عمليات القصف قائلة إنها انتقام للانتكاسات العسكرية الروسية من أهداف مدنية.
وأدت الضربات الروسية أمس الاثنين من جديد لانقطاع إمدادات الكهرباء والمياه في مدينة خاركيف نفسها وقتلت شخصا واحدا على الأقل بحسب رئيس بلدية المدينة.
وقال زيلينسكي في خطاب ألقاه خلال الليل إن الأوكرانيين يفضلون العيش بدون غاز أو ماء أو طعام أو تدفئة على العيش في فلك موسكو
وأضاف، مخاطبا الروس، “البرد والجوع والظلام والعطش ليست أمورا مخيفة أو مميتة بالنسبة لنا مثل أُخوتكم وصداقتكم’”.
انفراجة
وكان زيلينسكي قال في وقت سابق إن أحدث هجوم ربما يمثل انفراجة في الحرب المستمرة منذ 6 أشهر، مع إمكانية استعادة المزيد من الأراضي في الشتاء إذا حصلت كييف على أسلحة أقوى.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن روسيا أمرت على الأرجح بالانسحاب من منطقة خاركيف غربي نهر أوسكيل. ويعني هذا التخلي عن خط السكك الحديدية الوحيد الذي دعم العمليات الروسية في الشمال الشرقي.
وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن القوات الروسية تخلت عن سفاتوف في إقليم لوجانسك، وهي بلدة تبعد نحو 20 كيلومترا شرقي أوسكيل. ولم يتسن لرويترز التأكد من الوضع هناك.
وقالت بريطانيا إن موسكو تكافح أيضا لجلب قوات الاحتياط إلى الجنوب، حيث تسعى أوكرانيا من خلال هجومها لعزل آلاف الجنود الروس على الضفة الغربية لنهر دنيبرو، مما يجبر معظم القوات الروسية على التركيز على “الإجراءات الدفاعية الطارئة”.
وقالت متحدثة باسم القيادة العسكرية في جنوب أوكرانيا إن القوات استعادت 500 كيلومتر مربع من الأراضي في الجنوب. ولم يتسن التأكد بشكل مستقل من الوضع هناك.