انتقد تنظيم حقوقي ما أسماه “سياسة التسويف والمماطلة” التي تنتهجها حكومة سعد الدين العثماني، وما نتج عنها من انتكاسة حقيقية في المكتسبات الحقوقية للعمال والعاملات في المغرب، وحذر مما قد يترتب عن هذا الاحتقان الاجتماعي من تداعيات.
وقالت “العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان” إنه تأكد بعد مرور أكثر من سنة على تطبيق حالة الطوارئ الصحية ودخول المغرب منعطفاً اقتصادياً واجتماعياً مقلقاً، أن أكبر متضرر من جائحة “كوفيد-19” هم الأجراء والأجيرات الذين جرى تسريحهم أو توقيفهم عن العمل في القطاعات المنظمة وغير المنظمة، مما تسبب في ارتفاع معدل البطالة والفقر، وتفاقم المشكلات الاجتماعية في صفوفهم.
وفي التقرير الذي أصدرته المنظمة الحقوقية في مناسبة تخليد يوم العمال العالمي، وحصلت جريدة “الحدث بريس” على نسخة منه، سُجِّـل أن من ضمن الفئات العريضة من الذين شهدوا التسريح والبطالة بسبب الإجراءات المفروضة من قبل الحكومة، المستخدمين في المطاعم والمقاهي وفي القطاع السياحي بشكل عام، حيث جاءت الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها الدولة من حين إلى آخر بحرمانهم من عملهم.
تجاوزات وتلاعب
ولاحظ التقرير أن إغفال عملية مراقبة السلامة الصحية والمهنية في أماكن العمل تسببت في كوارث، وقال: “إذا كانت الكارثة الصحية التي ألمت بالعالم قد كشفت عن اختلالات هيكلية في عدد من القطاعات، فإن للكوارث الطبيعية نصيباً في فضح تلاعبات وتجاوزات جمة عرفها قطاع الشغل، ما أدى إلى فقدان العشرات من العاملات والعمال في ما بات يعرف بـ”فاجعة طنجة”، حيث أظهر الحدث كيف أن السلطات بكل اختصاصاتها تتغاضى عن مراقبة وتفتيش بؤر صناعية تنعدم فيها أدنى شروط الصحة والسلامة المهنية، المنصوص عليها في مدونة الشغل.
وقرعت المنظمة الحقوقية “طبول الخطر” في وجه الحكومة، داعية إياها إلى ضرورة فتح تحقيق حول ظروف صحة وسلامة الأجراء، وعلى وجه التحديد في قطاعات البناء والأشغال العمومية، وتنظيم زيارات المراقبة، وتدارك قلة الموارد البشرية في فئات الأطباء والمهندسين المكلفين بتفتيش الشغل، وسد الخصاص المهول الذي يعرفه مجال التفتيش من خلال تنظيم مباريات التوظيف، وحسن التوزيع، مع تدارك غياب الوسائل التقنية الكفيلة بإجراء عمليات مراقبة فعالة من طرف مفتشي الشغل.
التهريب المعيشي
كما لفتت الانتباه إلى وضعية الآلاف من العاملات والعمال الذين كانوا يستفيدون من التهريب المعيشي في مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، حيث أصبحوا يواجهون الفقر بسبب إغلاق الحدود. وقالت “العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان” إنه أضحى لزاماً على الحكومة أن تجد السبيل إلى تعويض هذه الشريحة من المغاربة، والتعجيل بفتح الحدود لفائدتهم، بشكل استثنائي، في أقرب وقت.
ودعت “العصبة” الحكومة المغربية إلى افتحاص الوضعية القانونية لعدد من المقاولات، وإخضاع علاقتها مع “صندوق الضمان الاجتماعي” للتدقيق والتأكد من مدى التزامها بالقوانين، كما طالبت بمراجعة تصريح المقاولات بالأُجَراء خلال السنوات الأخيرة، وكذا إجبار التي صرحت بتوقيف أُجَرائها بشكل نهائي أو مؤقت، والتي نهجت أساليب ملتوية وتضليلية، على إرجاعهم وتعويضهم عن الضرر الناجم عن التوقيف.
كما شددت على ضرورة وضع خطط وبرامج لاستعادة مناصب الشغل المفقودة ما بعد الجائحة، وتخصيص موارد مالية للتخفيف قدر الإمكان من الضرر الذي لحق العمال والمقاولات بسبب الجائحة وتدابير الحجر الصحي؛ فضلاً عن إمداد مفتشي الشغل بآليات المراقبة، وتوسيع صلاحياتهم لضبط المخالفات، وتمكينهم من صفة الضابطة القضائية لتحرير المخالفات وتقديمها للمحاكم.
ودعت المنظمة الحقوقية إلى أن تُراعَى خلال تدبير آلية الحظر الصحي مصلحة الفئات المتضررة اقتصادياً واجتماعياً كالمقاهي والمطاعم وغيرها من المقاولات السياحية والخدماتية الشبيهة بهذه الأنشطة، وكذا إلى إعادة النظر في كيفية مساعدة الشريحة الاجتماعية التي تعمل في مجالات الاقتصاد غير المنظم كالباعة المتجولين وما يدور في فلكهم.
إقرار المساواة بين الجنسين
وطالبت الحكومة بالتعجيل بالمصادقة على اتفاقيات العمل الدولية، خاصة الاتفاقية 87 باعتبارها اتفاقية أساسية، وملاءمة مدونة الشغل وفق الشروط المنصوص عليها في تلك الاتفاقية، والإسراع بإخراج القانون المتعلق بالنقابات، ومراجعة قانون العقود والالتزامات، وكذلك القانون التجاري وجعلهما ملائمين للظروف التي فرضتها الجائحة.
كما دعت إلى المراجعة الشاملة لقانون الوظيفة العمومية، وإقرار المساواة بين الجنسين والاحتكام للكفاءة في تقلد المسؤوليات، وإعادة النظر في قانون الإضراب.