الحدث بريس:ابو عبد الباسط.
لم يكن ليخطر ببال أكثر المتشائمين من أبناء جهة درعة تافيلالت أن تكون انطلاقة مشروع الجهوية المتقدمة الطموح بهذه الجهة بهذا الحجم المهول من التعثر، ولم يكن ليخطر ببال عتاة الفهم والاستيعاب أن يستمر هذا التعثر طوال هذا الزمن الذي ليس باليسير، فالصراعات والتقاطبات التي يعيش على إيقاعها مجلس جهة درعة تافيلالت على امتداد هذه المرحلة لم تكن لتحجب ملحاحية البحث عن مخرجات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه خاصة على مستوى الدعوة إلى حوار جهوي بين كل الفرقاء/الشركاء على مستوى المجلس، وبين المجموعات الوليدة “مجموعة العشرين” والأغلبية المتحولة التي لا تترجم سوى ضحالة الوعي السياسي وهجانة الإطار الفكري الذي في صلبه تدور رحى هذه الحرب القذرة التي أتت على أحلام البلاد والعباد بهذه الربوع من المغرب العميق.
لقد انطلق هذا المشروع الترابي الطموح على مستوى جهتنا المكلومة في ظل مناخ سياسي منحصر هيمن عليه ما انتهت إليه تجربة حكومة حزب العدالة والتنمية من فشل ذريع على جميع المستويات والأصعدة كان من أهم سماتها على مستوى الملفات ذات الانعكاس المباشر على ما نحن بصدده:
- الإجهاز على المكتسبات الاجتماعية والسياسية التي راكمها المغاربة بفضل تضحياتهم الجسام سنوات الجمر والرصاص خاصة الحركة النقابية التي ظلت في طليعة النضال المغربي مند الاستقلال.
- إصدار “المخلوع” رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران لعفو شامل على الفاسدين وناهبي المال العام دون استشارة ممثلي الشعب ومؤسساته النيابية والسيادية وتصريحه لقناة الجزيرة القطرية خير شاهد على ذلك؟
- عجزه عن صياغة إستراتيجية وطنية مبنية على العدالة بين الجهات تأخذ بعين الاعتبار التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
- الدفع بشخص مثير للجدل لترأس جهة درعة تافيلالت وهو الشخص الذي تم طرده من الحكومة بناءا على سوابق أخلاقية وعجز مكشوف عن تدبير الملفات المسندة إليه.
في رحم هذا المناخ السياسي والاجتماعي المنحصر كان ميلاد جهة درعة تافيلالت حيث ظلت النسخة المغربية المشوهة من “حزب العدالة والتنمية” تنتشي باستغلالها لحراك 20 فبراير من أجل وقف مسلسل تنامي التراكم الذي شهده المغرب منذ تولي جلالة الملك محمد السادس الحكم وساهم فيه أبناء المغرب العميق بالقسط الوفير، كما سجل المغاربة في نفس السياق فداحة التراجعات الخطيرة اجتماعيا وحقوقيا وهو ما ظل يهدد الانتقال الديمقراطي في المغرب وبناء المؤسسات الجديدة التي نص عليها الدستور الجديد بما في ذلك جهات المملكة.
هي بعض المؤشرات الناطقة بدلالتها والمعبرة عن ذاتها، المتمعن فيها، مع استحضار الأحداث وسياقاتها وطبيعة الفكر السياسي الرجعي الذي حكمها وحكم الممارسة السياسية المتمخضة على إثرها، سيهتدي بدون شك إلى طبيعة العقليات التي نحن إزائها، عقليات شعبوية، مشبعة بالتخلف والانتهازية وسوء الطالع، عقليات شدت الرحال إلى مهد الدولة العلوية الشريفة لتمارس ساديتها في العجرفة وطحن القانون والتطاول على أبناء الجهة المشهود لهم بالإخلاص والتفاني في البناء.
من مدينة ميدلت “التفاح”، إلى مدينة الرشيدية مهد الدولة العلوية الشريفة، مرورا بتنغير الأصالة والتراث والسياحة والمستقبل، وصولا إلى هوليوود المغرب ورزازات الغراء، إلى زاكورة الشموخ والعطاء، من كل ربوع هذا المجال الممتد على سفوح جبال الأطلس الشامخة، رفض المثقفون، قبل رجال السلطة الرابعة، والرياضيون، وعموم أبناء المغرب العميق هذا الكائن البشري السليط الذي تفرغ لتدمير مقدرات درعة تافيلالت سواء على مستوى مجلس الجهة الذي أصبح يلوك المقررات ويرزح تحت هيمنة أولائك الذين يعتقدون أن كل من “نهق” في وجه معارضته فهو في مقام بنكيران صاحب الاختصاص في قلب الحقائق والإجهاز على الحقوق الدستورية للمؤسسات والأفراد.
لقد توالت فضائح رئيس الجهة، وازداد الوعي مع ذلك بان قدرنا هو أن نجتر هذا الإخفاق إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، كانت آخر فصول هذا المسلسل الهيتشكوكي هي الزج بالمجلس الإقليمي للرشيدية في وغى نازلة النقل المدرسي التي أصبحت حديث الرأي العام بالمنطقة خاصة بعد الخطاب الملكي السامي الذي جعل من النقل المدرسي إحدى الملفات التي يجب الانكباب عليها في أفق الدخول المدرسي المرتقب وهو ما رفع من منسوب الارتباك لدى السيد رئيس الجهة الذي بدأ في إبرام اتفاقيات الشراكة مع الجمعيات مباشرة دون احترام القانون التنظيمي ذي الصلة الذي جعل النقل المدرسي اختصاصا ذاتيا للمجالس الإقليمية.
وأخيرا وليس آخرا لعل بعض الإخوان من المتتبعين والمراقبين الصادقين سيطالبون بالحجج الدامغة حتى يتسنى لهم استجلاء الحقيقة كاملة بعيدا عن منطق التجني الذي طالما طبع هكذا نقاش واشتكى منه رئيس الجهة الذي لم يشتكي قط من سلطة الوصاية رغم قوة الكلمة التي وجهها له السيد الوالي يوم الدورة المهربة الى احدى الجماعات الترابية لتنغير لحاجة في نفس يعقوب، والتي كان في حدها الحد بين الاستهتار بالقوانين وضرورة احترام الاختصاصات، وهو النقاش الذي نورده هنا مختزلا ونطمح ان يساهم فيه الجميع، ويكفينا في هذا الصدد ان نحيل أصدقائنا إلى الإشارات الدالة التي لا ندعي أننا نكشف من خلالها مستورا بل هي معطيات موضوعة رهن إشارة الجميع على مستوى مختلف المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، ومجرد سؤال على محرك البحث كوكل سيضعك أمام سيل من المقالات لا حصر لها.
لا حاجة إذا للتأكيد على أن ما تعيش على إيقاعه جهة درعة تافيلالت من تقاطب شديد وتمزق مهول على المستويات السياسية والتنظيمية والإيديولوجية، وما تعيشه بعض فرق مجلسها من انقسام حاد وفرقة غير ذات مرجعية تقف خلفه الظاهرة “الشوبانية” المتخصصة في الإغراء والترويض وفك طلاسم الرزق حتى مع من كان يصفهم السيد الرئيس المحترم ذات يوم في عز الصراع بالبؤس وأدوات التحكم.
يتحمل المسؤولية أولا عمر الزعيم مرشح حزب التقدم والاشتراكية الذي خان ويصر على خيانة المبادئ الصحيحة كما أن خريطة المشهد السياسي يوضح خيانة أغلب الأحزاب حيث أن الصورة كالآتي ولكم التعليق
حزب العدالة والتنمية كل أعضائه أغلبية.
حزب التقدم والاشتراكية نصفه معارضة والنصف الآخر أغلبية.
حزب التجمع الوطني للأحرار نفس الشيء.
الحركة الشعبية نفس الشيء.
ثم حزب الاستقلال كله معارضة.
المحزن ان المواطن والوطن هما الضحية ،لاننا لانعرف هذه التشكيلة كيف انبثقت وكيف تبلورت لتعطي هذه النتائج الكارثية في هذا المجلس ليصعد هذا هؤلاء كممثلين للساكنة ، أعتقد أن حسن النية كان هو الطريق المعبد إلى جهنم …