بعد وقت وجيز على انتهاء لقاء جمع أحزاب الأغلبية الحكومية مع وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، ليل أوّل أمس الأحد، وخصص للرد على استمرار الاحتقان الاجتماعي في الحسيمة، أعلن نشطاء الحراك الشعبي تنفيذهم إضرابا عاما يوم الخميس القادم بالحسمية، مع مسيرة احتجاجية غاضبة من موقف الأحزاب المشكّلة للائتلاف الحكومي.
وخرجت أحزاب الأغلبية الحكومية بموقف يشدد على أن “المغرب لا يمكنه أن يتسامح مع المس بالثوابت والمقدسات الوطنية من خلال الركوب على مطالب اجتماعية لسكان إقليم الحسيمة بشكل يمس بالوحدة الترابية ويروج لأفكار هدامة تخلق الفتنة في المنطقة”.
وأضافت أحزاب الأغلبية، في تصريحات صحافية عقب اجتماع مع الوزير لفتيت حول “مستجدات الأوضاع بإقليم الحسيمة”، أن “الاحتجاجات الاجتماعية يجب أن تكون في إطار القانون مع عدم الإضرار بالمصالح العامة والخاصة والممتلكات العمومية والخصوصية، وكذلك الحذر من أي علاقات بالخارج والدعم الذي يقدمه”، مؤكدة أن “هذه أمور لا يمكن للمغرب أن يتسامح معها”.
ومن أبرز المواقف التي أثارت حفيظة نشطاء الريف ما صرح به محمد ساجد، الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، الذي أورد أن “تلك المطالب التي كانت في البداية مشروعة ، وتحولت في الآونة الأخيرة إلى مطالب تمس بثوابت البلد”، مؤكدا أن الحزب “يطالب بتطبيق القانون في حق النشطاء الذين يقومون بهذه الأعمال التي تخرب وتشكك في الوحدة الترابية للمملكة”.
خالد الناصري، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، اعتبر أن ما وصفه بـ”خرافة المطالب الاجتماعية سرعان ما تبخرت بإقليم الحسيمة”، مسجلا أن هناك “تطاولا على المطالب الاجتماعية من خلال القفز على الخط الأحمر لهذه المطالب بنفس انفصالي بكل ما تحمله الكلمة من معنى”.
كما قال رشيد الطالبي العلمي، عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار، إن الأوضاع في إقليم الحسيمة تطورت بشكل طبيعي في البداية، “لكنها سرعان ما بدأت تعرف بعض الانحرافات قادتها مجموعة مسخرة من الخارج لم يفلح معها الحوار”، موضحا أن “كل العناصر تثبت أن أفراد هذه المجموعة منخرطون في مسلسل التمويل من الخارج من قبل خصوم الوحدة الترابية”.
وذكر بلاغ لأحزاب الأغلبية أن “القانون لا يسمح بتحول التجمعات إلى أعمال تمس بأمن المواطنين أو تؤدي إلى تخريب أو إحراق الممتلكات العامة والخاصة”، فيما أحال على ما وصفه بـ”انطلاق أوراش التنمية بالأقاليم الشمالية”؛ إذ دعت الحكومة بمختلف قطاعاتها الوزارية إلى “الإسراع في إنجاز برنامج التنمية المجالية لإقليم الحسيمة (2015 – 2019) الذي أشرف الملك محمد السادس على إعطاء انطلاقته في 17 أكتوبر 2015 بمدينة تطوان”.
عبد الله أبو عوض، الباحث المغربي في العلوم السياسية، اعتبر في تصريح لهسبريس أن “تصريحات أحزاب الأغلبية كانت صارمة في حق بعض قادة الحراك الشعبي في الحسيمة، وبعض جوانب المطالب تتجاوز الخط الأحمر وتمس بصفة مباشرة الثوابت الوطنية، في محاولة للخروج عن إطار المطالب الاجتماعية”، بتعبيره.
ويرى الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة أن “مطالب ساكنة الحسيمة حق مشروع يحتاج إلى إرادة حقيقية من أجل الاستجابة إليه، لكن تدخل بعض الأطراف الخارجية لدعم الحراك ليس فقط مرفوضا من طرف الحكومة وأحزاب الأغلبية، بل من طرف الشعب المغربي أيضا”، وفق تصريحه.
“تنفيذ بعض المطالب المتصلة ببناء مؤسسات، كالجامعات والمستشفيات، ليس كلمات تكتب على ورق، بل تحتاج إلى مساطر إدارية ومسالك تلزمها فترات زمنية”؛ مشددا على أن ب”عض قادة حراك الريف استغلوا هذا التأخر في محاولة لإحراج الدولة في عدم استجابتها للمطالب، وهو الواقع الذي يظهر أنهم غير مستوعبين لطبيعة مطالب ساكنة الإقليم”، يختم أبو عوض كلامه.
طارق بنهدا
الحدث بريس عن هسبريس