في الجلسة التشريعية العمومية التي عُقدت صباح الأربعاء 5 فبراير 2025، أعلن فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب عن رفضه لمشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، وذلك خلال القراءة الثانية للنص التشريعي.
أسباب الرفض: غياب التوافق وضعف التجاوب مع التوصيات
أكد الفريق أن موقفه الرافض ليس معارضةً لمبدأ تأطير ممارسة حق الإضراب، بل بسبب ما وصفه بغياب التوافق الضروري حول مشروع قانون ذي أبعاد مجتمعية كبرى، إضافةً إلى محدودية تجاوب الحكومة مع توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وشدد الفريق على ضرورة جعل تأطير هذا الحق مشروعاً مجتمعياً قائماً على توافقات متينة.
كما أشار نواب التقدم والاشتراكية إلى أنهم ساهموا بشكل مسؤول وإيجابي في مناقشة المشروع عبر تقديم تعديلات جوهرية، تهدف إلى ضمان التوازن بين حقوق العمال والمهنيين من جهة، ومصلحة المقاولة الوطنية والمصلحة العليا للوطن من جهة أخرى، إلا أن العديد من هذه التعديلات لم يتم الأخذ بها بالشكل المطلوب.
مخاوف من “تكبيل” ممارسة حق الإضراب
اعتبر الفريق أن الصيغة النهائية للمشروع لا تزال تتضمن مقتضيات وإجراءات تُعسِّر ممارسة حق الإضراب، بما في ذلك:
• غياب ديباجة قوية تؤكد المرجعيات الحقوقية والدستورية لهذا الحق.
• عدم تحقيق التوازن الكافي بين حق الإضراب وحرية العمل.
• الإبقاء على تعدد الغرامات والإجراءات الإدارية المُعقدة المرتبطة بتنظيم الإضراب.
• الإصرار على حرمان الأجراء تلقائياً من الأجر خلال فترة الإضراب، دون اعتماد بدائل مستلهمة من التجارب الدولية.
وأكد الفريق أن رفضه للمشروع لا يعني تجاهله لأهمية تنظيم الإضراب، ولكنه موقف يعكس الحاجة إلى نص تشريعي يضمن ممارسته بشكل سلس وعادل، بعيداً عن الإجراءات التي قد تعرقل اللجوء إليه كوسيلة مشروعة للدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
انتقادات للحكومة: تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية
استغل فريق التقدم والاشتراكية هذه الجلسة أيضاً لتوجيه انتقادات لسياسات الحكومة، مشيراً إلى أن الاحتقان الاجتماعي، وارتفاع معدلات البطالة، وزيادة الأسعار، وإفلاس المقاولات، كلها عوامل ساهمت في تأزيم وضعية عالم الشغل.
وأضاف أن غياب حوار اجتماعي فعال وفشل الحكومة في تدبير النزاعات العمالية يزيدان من أهمية توفير إطار قانوني متوازن وعادل لممارسة حق الإضراب.
دعوات لإصلاحات أوسع في عالم الشغل
في ختام كلمته، دعا الفريق الحكومة إلى اتخاذ إجراءات مكملة لضمان بيئة عمل أكثر عدالة، من بينها:
• إصلاح مدونة الشغل وتحديث قانون المنظمات النقابية.
• المأسسة الحقيقية للحوار الاجتماعي.
• تعزيز جهاز تفتيش الشغل لضمان احترام القوانين.
• المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية حول حرية التجمع وحماية الحق النقابي.
• إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي، الذي يُعتبر مقيداً للحرية النقابية والحق في الإضراب.
وختم الفريق مداخلته بالتأكيد على أن البرلمان سيظل ملزماً بمراجعة هذا القانون في المستقبل، بمجرد أن تكشف الممارسة العملية عن ثغراته ونقاط ضعفه، داعياً إلى إعادة النظر فيه في إطار مقاربة تشاركية أكثر إنصافاً لجميع الأطراف.