الحدث بريس ـ عبد الفتاح مصطفى
قال لويس مورا ممثل الأمم المتحدة للسكان بالمغرب “يجب أن يكون هدفنا جميعا هو القضاء على مسألة تزويج القاصرات في العالم وخاصة في المغرب في أفق سنة 2030 ، مضيفا “مامنا اليوم تسع سنوات للقضاء على هذه الظاهرة المقلقة”
وأوضح ممثل الأمم المتحدة للسكان بالمغرب خلال ندوة وطنية حول موضوع “تزويج القاصرات بين محيط أسري تحكمه الأعراف و قانون تشوبه اختلالات ” يوم الخميس 06 ماي 2021 بالرشيدية، من تنظيم جمعية الألفية الثالثة بالرشيدية، بأن الطفل يجب عليه أن يبقى طفلا حتى بلوغه سن الثامنة عشر ، لذا يجب حمايته والعناية به باعتباره طفلت ليس باعتباره أما ، لأن الفتيات القاصرات المتزوجات في سن 14 و15 سنة لا يستطيعن الحمل ويبقين مهددان بالموت عند الوضع.
السيد مورا أضاف “المختصون يقولون إن الفتيات القاصرات مهددات في حياتهن بعد تزويجهن بعدة أفات، كالبغاء و لتشرد والانحراف، وأشياء أخرى تسيء الى حياتهن العادية المفقودة”
واستُهلت أشغال هذه الندوة بكلمة افتتاحية لكريم بناني رئيس جمعية الألفية الثالثة تناول فيها السياق العام لتنظيم هذا اللقاء مرحبا بممثل الأمم المتحدة للسكان وبالحضور ، معتبرا أن الندوة ستعرف نقاشا مفصلا وعميقا بهدف الخروج بتوصيات ترفع الى الجهات المختصة في موضوع أصبح يقلق المجتمع وهو تزويج القاصرات .
الندوة عرفت مداخلة عن بعد عبر الاتصال المرئي للأساتذة حنان رباني من دولة مصر ، أشارت من خلالها الى استفحال ظاهرة زواج القاصرات في العالم العربي، حيث من أصل خمس فتيات متزوجات توجد فتاة قاصر، ما جعل عدد الطفلات العروسات يصل الى أكثر من 400 مليون، من بينهن 30 مليون ما بين سن 15 و 18 سنة، 9 ملاين منهن لم يبلغن سن 18 .
وعن العوامل المساهمة في تزويج القاصرات، ركزت السيدة حنان على انفصال الفتيات عن التعليم، وعوز العائلات وفقرهن وكذا الى التقاليد الداعية الى التخلص من الفتاة قبل أن تبور، إضافة الى الحروب والنزاعات الإقليمية الدائرة في سوريا واليمن ما يخلف أثارا نفسية وصحية واجتماعية .
مداخلة السيدة سميرة بناني منسقة شبكة أناروز ، مركز الاستماع في مجال مناهضة العنف ضد النساء في الندوة ، تمحورت على الخصوص ، حول كيفية تتبع مدى تطبيق القوانين، مبرزة دور عدد من الفعاليات التي تساعد الشبكة في القيام بمهامها مع النساء المعنفات و المطلقات ، مستعينة بالاستماع إليهن مع تعبئة استمارة تمكن من الوصول الى جوهر المشكل، ووبالنسبة لطبيعة المشاكل التي يستقبلها المركز، تحتل النفقة المرتبة الأولى، مطالبة في الأخير بإخراج القوانين التي يشير إليها الدستور مع تطبيق المعاهدات والمواثيق الدولية التي صادق عليه المغرب.
من جهنه استعرض قاضي الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالرشيدية مصطفى الزرقاني أهم المحاور والشروط القانونية والقضائية التي تتعلق بزواج القاصرات من خلال مدونة الأسرة ، بين النص القانوني والممارسة القضائية، حيث حدد زواج القاصر في ثلاثة شروط : حضور الفتاة مع ولي أمرها ( الأب أو الأم) و توقيعه على طلب الزواج، إجراء بحث اجتماعي أو خبرة طبية، أسباب الزواج التي تبرر المصلحة في هذا الزواج.
كما أشار الى الشروط القضائية المتمثلة في : التأكد من هوية القاصر، الاستماع الى الأم ، اجراء البحث أو خبرة طبية أو هما معا ، لمعرفة الظروف الاجتماعية والاقتصادية للزوجين، الانفراد بالقاصر في أخر الجلسة والاستماع إليها للتأكد من قدرتها على المعاشرة الزوجية، ويحضر الخاطب الجلسة للاستماع اليه، والوقوف على مدى التوافق بينهما في السن والفكر والطباع.
وأضاف السيد القاضي، أنه وبالرغم من هذه القيود يبقى زواج القاصر في أحوال كثيرة محكوما عليه بالفشل وهو ما يبدو في كثرة النزاعات المترتبة عنه، خاصة عندما نرى في المحاكم سيدة قاصر تحمل على ظهرها طفل تجوب به ردهات المحاكم علها تنال حقها من دعاوى نفقة، وتطليق وإهمال أسرة وشكايات طرد من الزوجية، وعنف زوجي، حيث تكتشف العديد من الفتيات وجود هوة بين تصورهن المثالي لمؤسسة الزواج والواقع الذي يعشنه.
أشغال الندوة النقاشية التي استغرقت أزيد من ثلاث ساعات، والتي تم التأكيد على أن تزويج الطفلات مشكلة مركبة يختلط فيها البعد الاجتماعي بما هو اقتصادي وثقافي وقانوني، وبالتالي فإن إيجاد حلول آنية لها لا يمكن أن يتحقق بمجرد اللجوء إلى الحل التشريعي، وهو ما يفرض أيضا ضرورة التصدي للظاهرة أيضا عبر السياسات العمومية، وبالأخص الاهتمام بتعليم الفتيات ومحاربة التسرب المدرسي والنهوض بأوضاع الفئات الهشة، وتعزيز قدرات الفتيات من خلال الاهتمام بالتكوين والتعليم حتى لا يبقى الزواج هو البديل الوحيد المتاح للأسر الهشة للتخلص من أعباء الفقر.
يشار كذلك الى أن الندوة شاركت فيها الأستاذة قدا مليكة منسقة برامج جمعية الألفية الثالثة بمداخلة حول “تزويج القاصرات بين محيط أسري تحكمه الأعراف ، وقانون تشوبه اختلالات” ، ومداخلة الدكتورة فدوى اخصائية طب النساء و التوليد بالمستشفى الجهوي مولاي علي الشريف بالرشيدية في موضوع “أهمية الخبرة الطبية في الحد من المشاكل الصحية الناجمة من زواج القاصرات” ومشاركة الدكتور هشام حافظي اخصائي في الطب النفسي في موضوع “الأثار النفسية في تزويج القاصرات”