تناولت أبرز الصحف العالمية الصادرة صباح اليوم الجمعة، آخر تطورات الأزمة الأمريكية الصينية، وسط تقارير تتحدث عن لقاء محتمل بين الرئيس جو بايدن، ونظيره، شي جين بينغ، في قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في نوفمبر المقبل، وسط توقعات بألّا يسفر عن تقدم ملموس لتهدئة التوترات بين القوتين العظميين.
وفي الشأن الأوكراني، ناقشت الصحف تقارير أخرى تكشف عن ”رسالة توسل خاصة“ بعث بها كبار المسؤولين الأمريكيين والخبراء النوويين إلى بايدن يحثونه فيها إلى التحرك بسرعة لحل أزمة محطة زابوريجيا النووية التي تسيطر عليها روسيا في جنوب أوكرانيا، وسط مخاوف من تداعيات كارثية ستطال العالم.
وفي إسرائيل، سلطت الصحف الضوء على ما بدا أنه ”تخبط“ في المواقف، حيث أعلن رئيس ”الموساد“ عن موقف أكثر تشددا مع إيران، وانتقد الاتفاق النووي قائلا إنه يستند إلى ”الأكاذيب“.
لقاء بلا نتيجة
رأت مجلة ”فورين بوليسي“ الأمريكية، أن اللقاء المرتقب بين الرئيسين الأمريكي، جو بايدن، والصيني، شي جين بينغ، في قمة ”مجموعة العشرين“ بإندونيسيا المقرر عقدها في نوفمبر المقبل، لن يقدم جديدا فيما يتعلق بالأزمة المحتدمة بين البلدين.
وأشارت المجلة إلى أن العلاقات الثنائية بين الصين والولايات المتحدة أصبحت الآن هي الأسوأ منذ عقود بعد زيارة مثيرة للجدل قامت بها رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، إلى تايوان في وقت سابق من الشهر الجاري، وتبعها رد فعل عسكري صيني عنيف.
وذكرت ”فورين بوليسي“ في تحليل لها: ”من المرجح الآن أن يلتقي الزعيمان شخصيًا في إندونيسيا، ومن المؤكد أن تفكر فرقهما بالفعل في طرق لإصلاح الضرر بين الجانبين. ولكي يحدث ذلك، يحتاج كل طرف إلى تحليل واضح لسبب عدم استقرار الوضع في تايوان، ويحتاجان إلى إدراك أنه من المحتمل أن يزداد سوءًا دون تدخل منهما“.
وتحت عنوان ”التسوية باتت مستحيلة“، قالت المجلة: ”يشير سجل بايدن وشي في العلاقات الودية على ما يبدو إلى احتمال أن يتمكن الزعيمان من وقف الانزلاق فيما بين البلدين، على الأقل مؤقتًا. لكن أي آمال من هذا القبيل يجب أن تكون مؤهلة بشدة لسببين: السبب الأول للشك هو الدروس التي استخلصها كل جانب من الأزمة الأخيرة. ببساطة، من المحتمل أن تشعر كل من بكين وواشنطن أنهما خرجتا بشكل جيد إلى حد معقول من زيارة بيلوسي. هذا يخلق حافزًا ضئيلًا للتنازل أو تجنب التكرار في المستقبل.“
وأضافت: ”الصين، على سبيل المثال، لديها أسباب تجعلها سعيدة. بشكل أساسي، تهدف بكين إلى استعادة تايوان بمرور الوقت بإجراءات أقل من الحرب. لكنها تخشى الانجراف نحو الاستقلال التايواني الرسمي، مدفوعة بما تعتبره تدخلًا أمريكيًا متهورًا“، وتابعت: ”نظرًا لخطوطها الحمراء، فإن مثل هذه الخطوة قد تجبر الصين على خوض حرب تفضل تجنبها، على الأقل في الوقت الحالي. ومن أجل تجنب هذا السيناريو جزئيًا، تشعر بكين أنها بحاجة للإشارة إلى استياء شديد من تحركات مثل زيارة بيلوسي“.
وأردفت المجلة: ”خلال الأسابيع الأخيرة، حققت بكين أهدافًا مهمة أخرى، بما في ذلك إطلاق صواريخ باليستية مباشرة فوق الجزيرة – وليس فقط فوق مياهها – لأول مرة. كما قدمت التدريبات الصينية فرصة نادرة لممارسة عمليات مشتركة بين مختلف الفروع للجيش. والنتيجة هي تغيير دائم محتمل في الوضع العسكري الراهن عبر مضيق تايوان لصالح بكين“.
وعلى الجانب الآخر، قالت ”فورين بوليسي“: ”يبدو أن الولايات المتحدة تدرك على الأقل أنها تخاطر بخسارة حرب العلاقات العامة في آسيا بسبب رحلة بيلوسي. ومع ذلك، فإن لديها أسبابًا أخرى للاكتفاء بالأحداث الأخيرة. بكل المقاييس، لم يكن بايدن يريد أن تقوم بيلوسي بالرحلة. ولكن عندما اتضح أنها ستذهب على أي حال، لم تتراجع واشنطن في مواجهة ضغوط بكين“.
وأضافت: ”سيكون التغلب على هذا التصور للنجاح النسبي على كلا الجانبين هو العائق الأول الذي يواجهه بايدن وشي إذا كانا يريدان السعي إلى نوع من الاستقرار عندما يلتقيان في نوفمبر. أما عن العائق الثاني، تعمل الأطراف الثلاثة – الصين والولايات المتحدة وتايوان – على تقويض الوضع الراهن بطريقة أو بأخرى“.
واختتمت المجلة تحليلها بالقول: ”سيتطلب أي استقرار طويل الأمد حول تايوان، من الناحية الواقعية، أن يقوم بايدن وشي ليس فقط بدعم الوضع الراهن المتداعي، ولكن لإعادة بنائه، وهو احتمال يبدو مستحيلًا في الوقت الحالي“.
رسالة توسل إلى بايدن
على صعيد آخر، ذكرت صحيفة ”وول ستريت جورنال“ الأمريكية، أن بايدن تلقى رسالة تحثه على التحرك بسرعة بشأن محطة زابوريجيا النووية التي تسيطر عليها روسيا وقطعتها عن خدمة أوكرانيا، مما أثار مخاوف العديد من خبراء الطاقة النووية.
وقالت الصحيفة إن الرسالة ”الخاصة“ – التي حصلت ”الجورنال“ على نسخة منها – تم إرسالها من قبل الحزبين إلى البيت الأبيض من العشرات من كبار المسؤولين الحكوميين السابقين وخبراء منع الانتشار النووي، داعين فيها الرئيس الأمريكي إلى مطالبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتفتيش الفوري لمحطة زابوريجيا بجنوب أوكرانيا.
ونقلت عن نص الرسالة قوله: ”يجب على الرئيس بايدن اتخاذ إجراءات عاجلة لجعل الوضع المتدهور في محطة الطاقة النووية في زابوريجيا أولوية إدارية والمطالبة بالتفتيش الفوري من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، قبل أن يتسبب احتلالها في كارثة إشعاعية عابرة للحدود“.
واعتبرت الصحيفة، أن الرسالة تضاف إلى الضغط على بايدن لبذل المزيد من الجهد لحل أزمة احتلال روسيا لأكبر محطة نووية في أوروبا (زابوريجيا) لمدة ستة أشهر تقريبًا، حيث حولت موسكو – بحسب زعم الصحيفة – المنشأة التي تبلغ طاقتها 6.7 غيغاوات إلى قاعدة عسكرية.
وقالت ”وول ستريت جورنال“ في تقرير حصري لها: ”يظهر توقيع أكثر من 25 خبيرا في منع الانتشار النووي خدموا مع الإدارات الديمقراطية والجمهورية، درجة القلق في واشنطن من الوضع في زابوريجيا، أول محطة للطاقة النووية في التاريخ يتم الاستيلاء عليها واحتلالها من قبل قوة عسكرية غازية“.
وجاء في نص الرسالة، وفقا للصحيفة: ”لا توجد محطة نووية في القرن الحادي والعشرين تم الاستيلاء عليها بشكل غير قانوني سوى منشأة زابوريجيا التي يتم استخدامها لإرهاب السكان. نأمل أن تتخذوا إجراءات عاجلة للمساعدة في تأمين زيارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمنع وقوع كارثة إنسانية وبيئية محتملة.“
ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي قوله إن الولايات المتحدة تجري حوارًا مكثفًا مع كل من أوكرانيا وروسيا للحث على وقف النشاط القتالي في المحطة ودعم الجهود الأوكرانية للسماح بوجود الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ووفقا للتقرير، تسبب الخطر المحيط بمحطة زابوريجيا في أحدث أزمة للسلامة النووية في أوكرانيا وأكثرها خطورة منذ كارثة العام 1986 في تشيرنوبيل، وترك الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتدافع للحصول على تفاصيل حول الظروف داخل مصنع تقول الآن إنه ”خارج نطاق السيطرة“.
وبالإضافة إلى المخاطر على السلامة المادية للمبنى من القصف، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن الافتقار إلى المراقبة المنتظمة للإشعاع خارج الموقع، وانسداد قطع الغيار والوقود والإمدادات، وقصر اليد العاملة وإرهاق الموظفين بشكل جماعي، ترقى مجتمعة إلى مستوى ”أزمة أمان نووي“.
الاتفاق النووي الإيراني ”مليء بالأكاذيب“
من ناحية أخرى، قال رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، ديفيد بارنيع، إن الاتفاق النووي الإيراني ”يستند إلى الأكاذيب“، مشيرًا إلى أنه يعتقد أن واشنطن وطهران ستوقعان الاتفاق ”في غضون أسابيع قليلة وربما أقل من شهر،“ بحسب ما ذكرته صحيفة ”هآرتس“ العبرية.
ونقلت الصحيفة عن بارنيع قوله إن قرار ”عدم إلزام إيران“، وترك تساؤلات حول قضايا أثارتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضدها، مفتوحة هو ”احتيال“، مضيفا أنه بعد التوقيع على الصفقة، لن يتمكن أحد من إلغائها لأن طهران لم تقدم أي تفسير لشكوك الوكالة الدولية.
وفقا للصحيفة، صرح بارنيع خلال إحاطات استخباراتية بالقول ”الاتفاق الإيراني هو موقف لم نوقع عليه. وسنفعل أي شيء نحتاجه للدفاع عن أنفسنا ضد أي تهديد، وستكون هناك تهديدات بلا شك“، وأضاف: ”نحن ملتزمون بالتعامل مع هذه التهديدات، حتى لو أصبحوا (الإيرانيون) نوويين. هذه التهديدات نفسها وطرق التعامل معها لا تعنيني.. الذي يعنيني أن هذه التهديدات تقترب“.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد قد صرح، أمس الخميس، بأن الأمريكيين اتخذوا موقفا أكثر تشددا في المفاوضات النووية مع الإيرانيين، تلبية لمطالب إسرائيلية.
لكن فيما بدا أنه تخبط واضح في مواقف القادة الإسرائيليين، اختلف بارنيع، وفقا لـ“هآرتس“، مع تصريحات لابيد، قائلا إن ”هذا الموقف لا يساعد إسرائيل. من الناحية الإستراتيجية، الاتفاق سيئ وسيتم التوقيع عليه في نهاية المطاف“.
وقالت الصحيفة العبرية إن بارنيع أشار في إحاطته إلى أن توقيع الاتفاق الجديد لن يمنع إيران من محاولة مهاجمة أهداف إسرائيلية وأمريكية، وهو يعتقد في الواقع أن هذه المحاولات ستزداد في المستقبل.
ونقلت ”هآرتس“ عن بارنيع قوله: ”إيران من ناحية تتفاوض بشأن الاتفاق النووي، ومن ناحية أخرى تشن حملة إرهابية ضد أهداف أمريكية مثل جون بولتون ومايك بومبيو وقواعد عسكرية أمريكية في سوريا. هذا سيستمر في المستقبل، أولا وقبل كل شيء ضد إسرائيل“.
وقالت الصحيفة العبرية: ”يتفق رئيس الموساد مع التقدير الأمريكي بأن الاتفاقية ستؤخر قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم بمستويات تصل إلى مستوى الأسلحة. ومع ذلك، شدد بارنيع على أن هذا إنجاز مؤقت حيث سيسمح لإيران باستخدام أجهزة الطرد المركزي النووية الخاصة بها في غضون عامين ونصف العام، وبالتالي سيتم تقصير الإطار الزمني مرة أخرى“.
وأضافت: ”يقترح بارنيع أن أفضل مسار للعمل هو ممارسة ضغط دولي هائل على طهران، على الرغم من تردد الولايات المتحدة والدول الأوروبية في القيام بذلك“، وفق تقديره.