تعيش شوارع وأزقة مدينة گلميمة التي لا تبعد عن عاصمة جهة درعة تافيلالت إلا بكيلومترات لا تتعدى الستين، منذ سنوات وضعا كارثيا خصوصا مع كل تساقط للأمطار مما يحيل المدينة إلى كتلة ممتدة من الأوحال والبرك المائية مما يحيل حياة الساكنة لجحيم حقيقي بسبب صراعات سياسية.
وتعج وسائل التواصل الاجتماعي بالكثير من التدوينات التي يشتكي أصحابها من الحالة التي وصلتها المدينة. معبرين عن سخطهم من هذا الوضع الذي امتد لسنوات دون أي بوادر تبشر بتغيير قادم في الأفق.
ويحمل قاطنو مدينة گلميمة مسؤولية ما آلت إليه أوضاع الشوارع والأزقة بگلميمة للمجلس الجماعي الذي، حسب الكثيرين ممن استقت “الحدث بريس” آراءهم، لا يحسن تدبير ملفات المدينة الكبرى وعلى رأسها ملف تهيئة المدينة وتأهيلها لرفع الضرر عن الساكنة التي تعاني في صمت.
هيكلة الأحياء الناقصة التجهيز
وسبق للمجلس الجماعي أن أجرى دراسة تقنية لإعادة تهيئة المدينة سنة 2014. في إطار شركة مع وزارة التجهيز ومؤسسة العمران لهيكلة الأحياء الناقصة التجهيز. حدد المكتب التقني حينها مبلغ 14 مليون درهم ككلفة إجمالية للشطر الأول من المشروع. الذي سيهم مركز المدينة الذي يضم حي تارماست والحي المركزي إضافة إلى الحي الجديد. حددت مساهمة المجلس الجماعي في هذا المبلغ بمليوني درهم، لكن المدينة ظلت على حالها دون أي تغيير.
وأرجعت معارضة المجلس الأمر كله إلى حسابات سياسية انتخابية. جعلت المكتب المسير يفكر، حسب تصريح خص به نعمان الغريسي أحد أعضاء المجلس المعارضين جريدة “الحدث بريس”، في إقصاء الحي الجديد من التهيئة. لتواجد أربعة أعضاء معارضين بالمجلس بهذا الحي.
موقف المعارضة
وأضاف الغريسي أن المجلس حرم المقاول المكلف بأشغال مد قنوات الصرف الصحي التي قاربت على نهايتها من الاعتمادات المالية المتبقية. التي كان من المفروض أن يتم تخصيصها لإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل بداية الأشغال. لتخصيصها لتزفيت حي أوعتمان الذي لم يتم تزفيته، حسب المتحدث، بشكل جيد. فضلا عن أن ما تم إنجازه بهذا الحي سيتم حفره مستقبلا لمد قنوات الصرف الصحي.
وأعرب نعمان الغريسي في معرض حديثه عن الدراسات التقنية التي يتم إنجازها في كل مشاريع مدينة گلميمة عن امتعاضه من الاعتماد على دراسات تقنية خاصة بمدن أخرى. وتنزيلها بالمدينة اعتمادا على تقنية النسخ واللصق. دون إجراء أي دراسة واقعية بالمدينة. متسائلا كيف لدراسات تقنية يدعي المجلس الجماعي إجراءها. دون أن يعاين قاطنو المدينة أي تقني ينزل لأرض الواقع لأخذ المعاينات اللازمة لذلك.
موقف المجلس الجماعي لگلميمة
واعتبر الحسين كلو النائب الأول لرئيس جماعة گلميمة من جهته كل المؤاخذات التي تتحدث عنها المعارضة مجرد مزايدات سياسية. لكونها، حسب تعبيره، لا تطرح أي بدائل، مسائلا أعضاء المعارضة عما يمكن أن يقوموا به لو كانوا مسؤولين عن تدبير هذا الملف ولم يقم به المجلس الحالي.
وأجاب عن سؤال “الحدث بريس” حول الحالة الكارثية التي تعيشها المدينة بأن الدراسة التي أجريت سنة 2014 لم يتم تنزيلها لأرض الواقع. مما استدعى إجراء دراسة جديدة حددت مبلغ 31 مليون درهم بدل 14 مليونا التي تم اعتمادها سابقا. مما وضع المجلس أمام اختيارات صعبة بين أن تتم هيكلة حي تارماست والحي الجديد اللذين حددت الدراسة الجديدة مبلغَيْ 3.3 مليون درهم و5 ملايين درهم على التوالي وترك الحالة بالحي المركزي الذي حدد له مبلغ 21 مليون درهم على ما هو عليه، أو تنزيل الإصلاحات بالأزقة تواليا وهذا يطرح سؤالا حول الأزقة التي ستستفيد والأزقة التي سيتم تأجيلها، فضلا عن أن الحي المركزي هو وجه المدينة والأولى بأن تنطلق منه الأشغال.
وأضاف أن المبلغ المرصود حاليا كاف لتغطية تكاليف تزفيت الحي المركزي فقط دون باقي الأشغال التي تشملها الدراسة خصوصا المتعلقة بالأرصفة التي تنتظرها أشغال أخرى لتثبيت أعمدة الإنارة العمومية التي من المنتظر أن تعرف تجديدا في قابل الأيام.
الصراعات السياسية
وحدد نائب رئيس المجلس الجماعي لگلميمة في معرض جوابه عن سؤال “الحدث بريس” حول موعد بداية الأشغال بالمدينة، شهر ماي المقبل كتاريخ مفترض لذلك. إن لم يظهر أي مشكل غير متوقع، حسب تعبيره، على اعتبار أن طلبات العروض ستنطلق شهر أبريل المقبل. وهو ما اعتبره نعمان الغريسي العضو المعارض بذات المجلس مستحيل التحقيق. لأن الوزارة الوصية لن تسمح بهيكلة المدينة دون إتمام أشغال التطهير السائل والماء الصالح للشرب قبل بداية أشغال التزفيت. وهو ما لم يتحقق بعد رغم الحديث عن انتهاء الاشغال بنسبة 98 بالمائة. أخذا بالاعتبار أن الربط بشبكة الصرف الصحي وبشبكة الماء الصالح للشرب لم يتم إلا بالمنازل المأهولة دون غيرها من المنازل المهجورة والآيلة للسقوط. وهو ما سيحتم مستقبلا إعادة حفر ما تم تزفيته لربط هذه المنازل. التي من المفترض أنها مرشحة لترميمها أو إعادة بنائها من الأساس. مما يؤكد منطق الصراعات السياسية التي تتحكم في الأمر.