أكدت الحكومة الإسبانية عن قرب إفتتاح المعابر الحدودية بين المغرب و مدينتي سبتة و مليلية المحتلتين كما تم الإتفاق عليه منذ ما يقرب من ثلاث سنوات بعد الإجتماع رفيع المستوى الذي تم عقده بين رئيس الحكومة، بيدرو سانشيز، و الملك محمد السادس دون تقديم تفاصيل أكثر حول موعد الإفتتاح.
و حسب ما أوضحته وكالة “أوروبا بريس”، فإن خبر إعادة إفتتاح المعابر الذي كشفت عنه صحيفة صحيفة “إل فارو دي مليلية”، الأربعاء المنصرم، نقلا عن مصادر تجارية تم إبلاغها بالأمر، خلق موجة من الإنتقادات، خاصة أن الشروط تقضي بإمكانية تصدير المغرب لمواد البناء والفواكه والخضروات والأسماك، في حين سيتم السماح بدخول منتجات معينة إلى أراضيه، دون تحديد ماهيتها، مسجلة أن المنتجين من داخل المدينتين المحتلتين هم فقط من يمكنهم عبور الجمارك.
في ضوء هذه المعلومات، أوضحت صحيفة “إل باييس” نقلا عن مصادر مطلعة على المفاوضات، أن المغرب أعطى الضوء الأخضر لدخول منتجات النظافة و التطهير و الأجهزة الكهربائية و الإلكترونية، و التي لا تصنع في المدن ذاتية الحكم.
كما أوضحت أن التدفق التجاري سيقتصر في الوقت الحالي على شاحنة واحدة يوميا في كلا الاتجاهين في الجمارك، و لن يسمح بعبور الشاحنات المفصلية أو المقطورات أو الشاحنات الصغيرة، و فقط خلال أيام العمل من الساعة 10:00 صباحا حتى 4:00 مساء، كما أن الإتفاق، وفقاً لنفس الصحيفة، يتضمن شروطا أخرى تقيد التدفق مثل الإخطار المسبق أو عدم خلط أنواع مختلفة من المنتجات.
و بينما إختارت وزارة الخارجية بقيادة وزيرها خوسيه مانويل ألباريس، الحفاظ على السرية بشأن تفاصيل الإتفاق، حاول المسؤولون المحليون تهدئة التوترات الناجمة عن التسريبات الإعلامية، مؤكدة أن إفتتاح الجمارك قد يكون وشيكا، مع تجنب أي تواريخ محددة.
و في خضم المفاوضات المتعلقة بإعادة إفتتاح الجمارك التجارية بين المغرب و إسبانيا، صرحت مندوبة الحكومة في مليلية، سابرينا موه، أن “المغرب لا يضع قواعد لتنفذها إسبانيا”، في رد واضح على تصريحات رئيس مليلية، خافيير إمبرودا، الذي أعرب عن تخوفه من أن الشروط المغربية قد تحول مليلية إلى “مدينة مغربية أخرى”.
و أكدت موه أن الجمارك التجارية الجديدة ستكون مختلفة عن تلك التي أغلقت عام 2018، مشيرة إلى أنها ستتوافق مع المعايير الحديثة لتجارة القرن الحادي و العشرين بين “دولة أوروبية و دولة ثالثة”، في إشارة إلى المغرب.
و أوضحت أن هذه الخطوة تعكس الإرادة المشتركة بين البلدين لإنهاء ظاهرة الحمالات، معلنة أن العمل جارٍ “لإعادة الإفتتاح بأسرع ما يمكن”، و بشكل تدريجي، لتحقيق التطبيع الكامل للعلاقات الجمركية، مشددة على أن “التطبيع سيتم عبر مراحل متعددة دون أي نوع من الإملاء”.
و على الجانب الآخر، دعت مندوبة الحكومة في سبتة، كريستينا بيريز، يوم الجمعة إلى “الصبر”، مؤكدة التزام الحكومة الإسبانية بما أعلنه رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، بشأن تحقيق تطبيع كامل لحركة الأشخاص و البضائع.
و أشارت بيريز إلى أن العمل على إنشاء جمرك تجاري في سبتة يمثل “تحدياً لوجستياً معقداً”، حيث لم يكن هناك جمرك سابقاً، مما يتطلب تنسيقاً بين العديد من الجهات الفاعلة و الوزارات في كلا البلدين.
و أكدت أن التعاون التاريخي بين المغرب و إسبانيا يشكل دافعاً رئيسياً لتحقيق هذا الهدف، مضيفة : “نحن قريبون جداً الآن”.
هذا، و إتهم خوسيه ماريا فيغاريدو، الأمين العام للمجموعة البرلمانية لحزب فوكس في مجلس النواب الإسباني، رئيس الحكومة بيدرو سانشيز بـ”التنازل عن الحدود الجمركية” في مدينتي سبتة و مليلية لصالح المغرب، مشيرا إلى أن الرباط “تمارس ضغوطًا عليه بشيء ما”، وفقا لتصريحات له خلال مقابلة أجراها صباح مع إذاعة ليبرتاد.
و حسب المتحدث فإن المغرب ربما يمتلك معلومات سرية تتعلق بفضيحة بيغاسوس، و التي قد تكون السبب وراء القرارات “التي تضر بمصلحة الإسبان”، على حد تعبيره، و قال : “لا أعرف إذا كان هناك شيء في هاتفه المحمول أم لا…لكن من الواضح أن المغرب يضغط على بيدرو سانشيز بشيء ما”.
و أضاف أن إغلاق الجمارك في المدينتين سيسبب مشاكل تجارية كبيرة لإسبانيا، حيث ستتمكن المنتجات المغربية من دخول الأسواق الإسبانية بحرية، بينما يستطيع المغرب منع دخول المنتجات الإسبانية.
هذا، و أعرب خوان خوسيه إيمبرودا، رئيس مليلية المحتلة من حزب الشعب الإسباني، عن مخاوفه بشأن إعادة فتح الجمارك التجارية مع المغرب، مشيرا إلى أن الشروط المقترحة قد تحول مليلية إلى “مدينة مغربية أخرى”.
في تصريحاته لوسائل الإعلام، حذر إيمبرودا من أن تنفيذ إعادة فتح الجمارك وفقا للشروط التي ذكرتها بعض وسائل الإعلام و التي ستؤدي إلى “إلغاء كامل” للجمارك التجارية التاريخية التي يديرها الإتحاد الأوروبي في المدينة.
و أوضح قائلاً : “إذا كانوا يريدون فعل ذلك، من الأفضل أن يبقوا في أماكنهم و لا يفعلوا شيئًا”، واصفًا القرار بـ “التصرف المتهور بشكل هائل”، مما يعني “التنازل عن السيادة الإقتصادية و السياسية” لمليلية لصالح المغرب.
أكد إيمبرودا أن هذا القرار لن يفيد مليلية، مشيرًا إلى أن “التجار لن يتمكنوا من عرض ما يتعلق بحركة المسافرين عبر الجمارك”، مضيفا “لن يتمكنوا من بيع الأحذية و القمصان و الكتب، بينما سيستطيع المغرب بيع المنتجات التي يرغبون في بيعها، لذا فإن التجارة المحلية لن تستفيد من ذلك مطلقًا”.
هذا، و أظهر إيمبرودا رفضه التام لهذا الإنتقال التجاري ودعا وفد الحكومة في مليلية إلى الإجتماع مع الحكومة المحلية لحل هذه المشكلة.