تكربم بطعم مر، ذاك الذي حظي به كل من رئيس مجلس الجهة الحبيب الشوباني والهناوي رئيس جماعة الرشيدية خلال لقاء نظمته شبيبة البيجيدي. وعرف إنزال وفد كبير يتقدمهم الأمين العام للحزب سعد الدين العثماني مرفوقا بالداودي وأمكراز وأفتاتي.
وتأتي هذه الزيارة عقب الهزات الكبيرة التي تعرض لها الحزب وأدت لظهور صراع بين تيار متشدد يكرس الهيمنة ويريد بسط سيطرته على الحزب دون منازع. وآخر معتدل ومهادن يرفض الزج بالحزب في أي صراع مع أجهزة الدولة المغربية. وبين هذا التيار وذاك بدأت شعبية الحزب في التراجع بشكل كبير. ولم يعد الحزب صاحب المرجعية الدينية المنازع في السلطة يحظى برضا وتعاطف الدراع الدعوي للحزب. والداعم الاساسي له في السراء والضراء بسبب انتكاساته الأخيرة.
استقالات ومحاكمات
ومما يزكي هذا الطرح كثرة الاستقالات التي سجلت على المستوى الوطني. والأحكام القضائية الصادرة في حق مجموعة من منتخبي الحزب في الآونة الاخيرة. وازدادت حالة التذمر في صفوف الحزب حين تراجع أداء المنتخبين ولم يعد يحظى برضا القواعد الحزبية. خاصة أن عدة شكايات وجهت إلى كل من الكتابة الاقليمية والجهوية وإلى رئيس جمعية المنتخبين عزيز الرباح ثم إلى الأمين العام سعد الدين العثماني في هذا الموضوع وطالها النسيان والإهمال.
الأمر الذي لم يستسغه مجموعة من المناضلين النزهاء الذين لم تتلطخ أياديهم بملفات الفساد فأعلنوا رفع سقف التحدي والتهديد بمقاطعة الانتخابات المقبلة والمطالبة بمحاكمة المتورطين في تدني شعبية الحزب وتلطيخ سمعته.
زيارات لتقوية الحظوظ
وبينما بدأت فترة الانتخابات تقترب، بدأت معها تحركات الآلة الحزبية بقوة. حيث اتجهت الأنظار يوم السبت الماضي إلى جهة درعة تافيلالت وإلى الزيارة التي يقوم بها العثماني إلى مدينة الرشيدية لجس نبض القواعد الحزبية. فالداودي حط الرحال بگلميمة ثم بألنيف. أما سعد الدين العثماني فقد حط الرحال بكل من تنغير وميدلت والرشيدية. واجتمع بمجموعة من المناضلين، فيما غاب آخرون بسبب حالة الغضب ضد منتخبين كانوا سببا في تدني شعبية الحزب بالجهة. وفي تعطيل أشغال المجالس التي أصبحت تعيش حالة من الشلل التام. ومن بين هؤلاء رؤساء فضلوا المواجهة مع السلطات الإدارية، اعتقادا منهم بأن هذا المنحى سيقوي حظوظهم بالحزب. وسيزيد من شعبيتهم في الانتخابات القادمة للظفر بأكبر عدد من المقاعد النيابية.
زيارة العثماني لمدينة الرشيدية، وإن كانت تحمل في طياتها أكثر من دلالة، فإن تكريم كل من الشوباني والهناوي اعتبره العديد من المتتبعين للشأن العام كتوقيع على نهاية الخدمة. ترجمت بتكريم كل واحد على حدى بهدايا رمزية. وإن كانت علامات عدم الرضا واضحة على ملامح الشوباني الذي كان يمني النفس بالجلوس إلى جانب العثماني بالمنصة. لكنه بذكائه التقط الإشارة بسرعة البرق وحط الرحال بالمقاعد الخلفية للقاعة. وأدرك سخط القيادات الحزبية وعلى رأسها الأمين العام سعد الدين العثماني بسبب سوء أدائه كرئيس على مجلس الجهة. وكقيادي كان سببا في تدني شعبية الحزب وتشويه صورته. فضلا عن تورطه في ملفات فساد كبرى هي موضوع متابعة قضائية بمحكمة جرائم الأموال بفاس.
محاولة رأب الصدع لم تكلل بالنجاح، ورسالة العثماني لبيجيديي الرشيدية كانت واضحة لمن يهمه الأمر. فالحزب ليس ملجأ للفساد، حسب ما ابلغه أمينه العام في اجتماعه المغلق بأبناء حزبه بالرشيدية. ولمن يريد الزج بالحزب في اتجاه آخر، فعليه أن يبحث عن مكان آخر. مضيفا أن مصلحة الحزب فوق كل الحسابات.
وعلى الشوباني وإخوانه أن يدركوا مقولة الشاعر الكبير معروف الرصافي:
لا يخدعنك هتاف القوم بالوطن … فالقوم في السر غير القوم في العلن