أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الأحد أن تفجير جسر القرم من تنفيذ أجهزة الاستخبارات الأوكرانية، وأقر بذلك مسؤول أوكراني كبير، بينما أكدت أوكرانيا استعادة مناطق واسعة في خيرسون، كما نددت بغارات روسية على زاباروجيا تسببت بسقوط عشرات الضحايا المدنيين.
وقال بوتين إن تفجير جسر القرم “عمل إرهابي” ضد منشآت حساسة نفذته أجهزة الاستخبارات الأوكرانية، معتبرا أنه ليس هناك شك في أن هذا الهجوم موجه ضد البنية التحتية الحيوية الروسية.
وبدوره، قال رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي الروسي إن هناك عناصر روس دعمتهم استخبارات دول أجنبية متورطون في تفجير جسر القرم.
وذكر مراسل الجزيرة أن مدير مكتب التحقيقات الفدرالي أطلع بوتين على سير التحقيقات في تفجير الجسر، كما نقلت وكالة تاس عن رئيس لجنة التحقيق الروسية أن “الخدمات الخاصة الأوكرانية هي المسؤولة عن الهجوم”.
اعتراف أوكراني
من جهة أخرى، نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) عن مسؤول أوكراني كبير أن المخابرات الأوكرانية هي من دبرت تفجير جسر القرم، بقنبلة محملة على شاحنة.
وذكرت الصحيفة أنه لم يتضح ما إذا كان السائق الذي قُتل في الانفجار كان على علم بوجود متفجرات على الشاحنة أم لا.
وأظهرت صور أقمار اصطناعية، التقطت أمس السبت ونشرتها شركة “مكسار”، حجم الدمار الذي ألحقه التفجير بجسر القرم أمس، حيث ظهر انهيار قاع الطريق على خط واحد للمركبات، واشتعال النيران في خزانات الوقود بقطار على خط السكة الحديدية الموازي للجسر.
استئناف حركة النقل
ونقلت وكالة “تاس” عن وزارة النقل الروسية تأكيدها نجاح تسيير أول قطار تجريبي على الجسر، كما بثت وسائل إعلام روسية صورا من مدخل الجسر أظهرت عودة حركة السيارات على الخط غير المتضرر.
وأوضحت وسائل الإعلام الروسية أن ضباط الشرطة أكدوا أنه يُسمح بمرور 10 سيارات في المرة الواحدة، كي يتمكن رجال الأمن من تفتيش المركبات.
وفي وقت سابق اليوم، قال الحاكم الروسي لشبه جزيرة القرم سيرغي أكسيونوف للصحفيين “الوضع يمكن السيطرة عليه… إنه مزعج ولكنه ليس كارثيا… وقد أثار بالطبع المشاعر وهناك رغبة كبيرة في الانتقام”.
وقال كيريل ستريموسوف نائب الحاكم الروسي على خيرسون إن التفجير “لن يؤثر كثيرا على إمدادات الجيش”، إلا أنه سيتسبب في مشكلات لوجيستية للقرم.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية إنه على الرغم من استئناف حركة المرور جزئيا على الجسر، فإن “أي خلل في إمكانياته من المرجح أن يؤثر بصورة كبيرة على قدرة روسيا، المتعثرة بالفعل، للحفاظ على قواتها في جنوب أوكرانيا”.
وأعلن الكرملين اليوم أن بوتين سيعقد غدا اجتماعا لمجلس الأمن الروسي، الذي يضم الوزراء الرئيسيين ومسؤولين سياسيين وممثلين عن أجهزة الأمن والجيش.
وفي سياق آخر، قال منسق الاتصالات بمجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إنه لا يوجد مؤشر على أن بوتين اتخذ قرارا باستخدام أسلحة نووية.
وأضاف كيربي “سنواصل تزويد أوكرانيا بالمساعدات الأمنية”.
تقدم أوكراني
وفي أحدث تطورات اليوم الأحد، نقل مراسل الجزيرة عن مصدر عسكري أن رقعة المناطق التي استعادتها أوكرانيا في خيرسون اتسعت إلى 1170 كيلومترا مربعا.
وقال مراسل الجزيرة إن القوات الأوكرانية سيطرت على قرية “نوفا كاميانكا” في مقاطعة خيرسون (جنوب)؛ حيث استهدفت جسورا في هذه المنطقة مرارا، من أجل تعطيل الإمدادات اللوجستية للقوات الروسية.
وفي إقليم دونباس (شرق)، اندلعت مواجهات بين القوات الأوكرانية والقوات الروسية في أكثر من 40 نقطة على خط الجبهات في لوغانسك ودونيتسك.
وفي مقاطعة دونيتسك، قُتل 3 أشخاص، وأُصيب 6 بجروح، في قصف أوكراني استهدف أحياء سكنية في مناطق عدة بالمقاطعة.
وكانت القوات الأوكرانية قصفت الليلة الماضية مركز مدينة دونيتسك بقذائف سقطت إحداها قرب مدرسة.
وأشارت السلطات المحلية إلى أن القوات الأوكرانية استهدفت أكثر من 50 حيا سكنيا في مقاطعة دونيتسك، خلال الـ24 ساعة الماضية، بأكثر من 250 قذيفة؛ ما أوقع أضرارا مادية بأكثر من 20 بناية سكنية، وبالبنية التحتية في المقاطعة.
وفي غضون ذلك، يحاول الجيش الأوكراني استعادة مزيد من الأراضي في الجبهة الجنوبية، قبل وصول تعزيزات روسية متوقعة، بعد قرار الكرملين التعبئة الجزئية للقوات.
وفي الجبهة الشرقية، بثت وسائل إعلام أوكرانية صورا لإسقاط مقاتلة تابعة لسلاح الجو الروسي من طراز سوخوي-34، كانت تحلق على علو منخفض.
قصف زاباروجيا
وقال مسؤولون أوكرانيون إن طائرات روسية أسقطت 12 صاروخا على تجمع سكني وسط مدينة زاباروجيا فجر اليوم، ما أودى بحياة ما لا يقل عن 13 شخصا وأسفر عن إصابة 87 بينهم 10 أطفال، كما أسفر القصف عن تدمير 5 منازل، وإصابة 40 منزلا بأضرار متفاوتة.
وندد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالهجوم ووصفه بأنه “شر مطلق” نفذه “متوحشون وإرهابيون”، وتعهد بتقديم المسؤولين عن ذلك إلى العدالة.
وأضاف زيلينسكي “زاباروجيا مرة أخرى. ضربات عديمة الرحمة على أناس مسالمين مرة أخرى. في مبان سكنية، في منتصف الليل تماما”.
مكاسب روسية
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية إحباط محاولات القوات الأوكرانية شن هجوم على محاور كوبيانسك ولوغانسك وزاباروجيا وأندرييفكا.
وأشارت الوزارة الروسية إلى إسقاط مقاتلة أوكرانية من طراز “سوخوي -24” في ميكولايف، ومروحية من طراز “ميل مي-24” في خيرسون، بالإضافة إلى تدمير محطتي رادار أميركيتين و4 مستودعات أسلحة أوكرانية في مقاطعات دونيتسك وزاباروجيا وخيرسون.
توتر مع بيلاروسيا
من جهة أخرى، قال متحدث باسم الخارجية الأوكرانية أوليغ نيكولينكو عبر موقع فيسبوك إن الخارجية البيلاروسية استدعت أمس إيهور كيزيم سفير أوكرانيا لدى مينسك، وسلمته مذكرة دبلوماسية، وهي “تحوي مزاعم بيلاروسية بشأن تخطيط أوكرانيا لشن هجمات على أراضيها”.
وأضاف نيكولينكو “هذه المعلومات غير صحيحة. نرفض رفضا قاطعا أي تلميح من قبل النظام البيلاروسي”، معتبرا أن تسليم المذكرة قد يكون جزءا من خطة الاتحاد الروسي للقيام باستفزاز ثم اتهام أوكرانيا.
وأكد نيكولينكو أن بلاده “لم تتعد قط على أراض أجنبية”، وقال إنه يتعين على بيلاروسيا التوقف عن تلبية رغبات الكرملين، والتوقف الفوري عن تقديم الدعم لروسيا في تنفيذ عدوانها على بلاده، حسب وصفه.
وبدورها، قالت المخابرات الأوكرانية إن “روسيا تتخذ تدابير لإجبار بيلاروسيا على الدخول في حرب مفتوحة معنا”.
وأضافت أن 6 كتائب من القوات الخاصة في بيلاروسيا تتمركز قرب الحدود الأوكرانية.