مع ارتفاع درجات الحرارة وتزايد وتيرة التنقلات خلال موسم العطلة الصيفية، يعود ملف غلاء الأسعار ليطفو مجدداً على سطح النقاش العمومي في المغرب، مشكلاً أحد أبرز انشغالات المواطنين. فكما في كل صيف، يجد المستهلك المغربي نفسه أمام ارتفاع متكرر لأسعار السلع والخدمات، لاسيما في القطاعات المرتبطة مباشرة بالأنشطة الصيفية كالمطاعم، الإيواء السياحي، والتنقل، إضافة إلى الخدمات اليومية التي تطال الأسر في مختلف المدن والوجهات السياحية.
الارتفاع في الأسعار لا يأتي في سياق معزول، بل يرتبط بتحولات موسمية تستفيد منها بعض القطاعات لتحقق أرباحاً إضافية، غير أن هذا الواقع بات يطرح تساؤلات حادة حول مدى احترام مبادئ المنافسة الشريفة وجودة الخدمات المقدمة. فالملاحظ، حسب شكاوى المستهلكين، أن الأسعار في كثير من الأحيان لا تعكس تطوراً في جودة الخدمة أو مستوى التجهيزات، مما يغذي حالة من الاستياء الشعبي تتجدد كل عام مع دخول موسم الصيف.
ومما يزيد من حدة الجدل هذا العام هو المقارنات المتزايدة التي يعقدها المواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي بين كلفة العيش في المغرب ونظيراتها في بعض الدول الأوروبية القريبة مثل إسبانيا والبرتغال. في هذه المقارنات، يشير كثيرون إلى التفاوت الواضح بين الجودة والسعر، معتبرين أن المستهلك المغربي يدفع مبالغ مرتفعة مقابل خدمات لا ترقى إلى المستوى المطلوب، وهو ما يعزز شعوراً متزايداً بالغبن لدى شرائح واسعة من المواطنين، خاصة في ظل تداعيات الأزمة الاقتصادية وتآكل القدرة الشرائية.
وتبرز هذه الإشكالية في سياق اقتصادي واجتماعي دقيق، حيث ما تزال القدرة الشرائية للمواطن تحت ضغط متواصل بفعل ارتفاع تكاليف المعيشة وتعدد النفقات المرتبطة بفترة العطلة. ورغم أن الظاهرة موسمية بطبعها، إلا أنها تسلط الضوء مجدداً على اختلالات بنيوية تتعلق بتنظيم السوق، وضبط الأسعار، ومراقبة جودة الخدمات. كما تطرح أسئلة أوسع حول دور الجهات المعنية في حماية المستهلك وتفعيل الآليات الرقابية الكفيلة بضمان توازن السوق وتفادي استغلال فترات الذروة في زيادة الأعباء على المواطن.
وبين التبريرات المرتبطة بارتفاع الطلب ومحدودية العرض، وبين واقع المعيش اليومي للمواطن، يبدو أن ملف غلاء الأسعار في المغرب أصبح حلقة متكررة من جدل صيفي لم تجد له الحلول بعد، ما يجعل الحاجة إلى سياسات أكثر نجاعة لضبط السوق مسألة ملحة تفرض نفسها مع كل موسم.