أعلنت مكونات المعارضة بمجلس النواب المشكلة من فريقي الحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية، والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عن إطلاق مبادرة السعي نحو تشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق، يُناط إليها جمع المعلومات المتعلقة بـ”واقعة استيراد الغازوال الروسي، والشبهات المرتبطة بمدى شفافية عملياتها وسلامتها ومشروعيتها”.
وتأتي هذه المبادرة الرقابية، وفق ما أوضحت قوى المعارضة البرلمانية، على إثر ما تم تداوله من لجوء شركاتٍ متخصصة في الاستيراد الحر للمحروقات إلى اقتناء الغاز الروسي، بكمياتٍ كبيرة، مشيرة إلى أن هناك أسئلة حارقة تتعلق بالوثائق المُثبِتة لمصدر هذا الاستيراد وأثمانه، وكذا بالأرباح التي تحوم الشكوك حول مشروعيتها، وحول شفافية العمليات التجارية المرتبطة بها.
وتهدف مكوناتُ مجلس النواب، من وراء هذه المبادرة، إلى وقوف مجلس النواب على حقيقة هذه الشكوك والشبهات، لا سيما وأن الموضوع له ارتباطٌ وثيق بالأمن الطاقي، والفاتورة الطاقية، وغلاء الأسعار، والقدرة الشرائية للمواطن المغربي، وقدرات المقاولة الوطنية، وبالمداخيل الضريبية المفترضة، وبحكامة عالَم الأعمال.
كما تسعى المكونات المذكورة، من وراء المبادرة، إلى استيضاح ملابسات وحيثيات الموضوع، بغاية أن تُتخذ الخطوات اللازمة فيما بعد، من طرف السلطات المعنية، كلٌّ من موقع مسؤوليتها واختصاصاتها، وفي إطار ما يتيحه الدستور والقانون، من أجل طمأنة الرأي العام في حال انتفاء الشبهات، أو من أجل ترتيب الآثار الضرورية في حال ثبوتها.
وكانت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، كشفت أن واردات الغازوال الروسي إلى المغرب، ارتفعت 13 في المائة، ما بين فاتح يناير إلى 27 فبراير الماضيين، مؤكدة أن معطيات إدارة الجمارك والضرائب المباشرة، تُوضح أن حصة واردات الغازوال الروسي شكلت 9 في المائة سنة 2020 وانخفضت إلى 5 في المائة سنة 2021، قبل أن تصعد إلى 9 في المائة سنة 2022.
وبخصوص القيمة المصرح بها، أوضحت الوزيرة، في جواب عن سؤال للفريق الاشتراكي حول شواهد إقرار مصدر استيراد المواد النفطية بميناء طنجة المتوسط، أن متوسط سعر الطن من الغازوال الروسي بلغ 9,522 دراهم للطن، مقابل 10,138 دراهم للطن بالنسبة لباقي الواردات من الغازوال من باقي الدول، أي بفارق 6 في المائة، وذلك في الفترة الممتدة من فاتح يناير إلى 27 فبراير الماضيين.
وأوضحت فتاح، أن سعر 170 دولارا للطن، الوارد في تساؤل الفريق الاشتراكي، أي 1,771 درهم للطن مع احتساب متوسط سعر صرف الدولار، “يبقى بعيدا عن متوسط السعر المتداول”، تقول الوزيرة، وسجلت أن وثائق وشواهد المصدر، تخضع، كغيرها من الوثائق المرفقة بالتصريح الجمركي، للمراقبة الجمركية، سواء الآنية أو البعدية، مشددة على أن “أي تلاعب فيها يعرض المصرح بها إلى العقوبات الزجرية المنصوص عليها في مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة دون الإخلال بالعقوبات الزجرية الأخرى”.
وجاء في طلب المعارضة الموجه إلى رئيس مجلس النواب، حول طلب تشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول واقعة استيراد الغازوال الروسي وما ارتبط بها من شكوك بخصوص مدى شفافية العملية وسلامتها ومشروعيتها، أن “بعض النقاش العمومي تداول لجوءَ شركاتٍ متخصصة في استيراد المحروقات إلى اقتناء الغاز الروسي، بكمياتٍ كبيرة، وهو أمرٌ حرٌّ من حيث المبدإ”.
وفي المقابل، أشار المصدر ذاته، إلى إثارة أسئلة تتعلق بشبهات تغييرٍ غير مشروع طال الوثائق المُثبِتة لمصدر هذا الاستيراد وأثمانه، على أساس أنه مستورَدٌ من بلدان أخرى، علاوةً على ما يمكن أن يكون قد حصل من مضارباتٍ تأسست على إعادة تصدير هذا الغاز الروسي المستورَد، خارج الضوابط المعمول بها، وذلك إلى بلدان أخرى تحظر استيراده.
وأضافت المعارضة، أن “هناك أسئلة متصلة ببيع الكميات المستورَدة من الغاز الروسي في السوق الوطنية بأسعار أعلى مما يجب، مقارنةً مع أسعار استيراده، بما يكون قد أدى إلى مراكمة أرباح تحوم الشكوك حول مشروعيتها وحول شفافية العمليات التجارية المرتبطة بها”.
وفي نفس الوقت تُطرح أسئلة أخرى، حسب مكونات المعارضة البرلمانية، بخصوص إمكانية حصول مضارباتٍ تأسست على إعادة تصدير هذا الغاز الروسي المستورَد، جزئيا أو كلياًّ، بشكلٍ أو بآخر، وخارج الضوابط والقواعد المعمول بها، وذلك إلى بلدان أخرى تحظر استيراده على خلفية النزاع الدائر بين أوكرانيا وروسيا.
وسجلت قوى المعارضة، أن حصة واردات الغازوال الروسي التي بلغت 9 بالمائة طوال سنة 2022، وصلت خلال الشهرين الأولين فقط من هذا العام (2023) حواليْ 13 بالمائة، حسب إحصائيات إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، مؤكدة أن “انخفاض سعر الغازوال الروسي في السياق الحالي، دون أن يكون لذلك انعكاسٌ واضح على أسعار المواد الطاقية في السوق الوطنية، يُعزِّزُ بعض الشكوك والشبهات حول حقيقة ونزاهة وشفافية الأسعار والأرباح ووثائق مَصدَر الاستيراد، وكذا حول الاتجاهات التي تسلكها الكمياتُ المستوردة”.
و ستتمثل مهمة هذه اللجنة النيابية لتقصي الحقائق، أساسا، حسب طلب المعارضة، في جمع المعلومات المتعلقة بواقعة استيراد الغازوال الروسي وما ارتبط بدرجة سلامتها ومشروعيتها من شكوكٍ مُتداوَلة، كما تروم مهمة اللجنة تسليط الضوء على التأثيرات المختلفة لهذه الواقعة، في حال ثبوتها، ماليا واجتماعيا واقتصاديا وضريبيا.
وتهدف اللجنة النيابية، إلى تجميع واستقاء المعطيات والمعلومات والوثائق الموجودة بحوزة مختلف الإدارات والمصالح العمومية ذات الصلة بالموضوع، أو لدى الهيئات أو الأشخاص الذاتيين أو المعنويين، وإطلاع مجلس النواب على نتائجها، وذلك بأفق استيضاح ملابسات وحيثيات الموضوع، واتخاذ ما يلزم، في إطار ما يتيحه الدستور والقانون، من أجل طمأنة الرأي العام في حال انتفاء الشبهات، أو من أجل ترتيب الآثار الضرورية في حال ثبوتها.
في غضون ذلك، وجهت مكونات المعارضة، رسالة إلى عضوات وأعضاء مجلس النواب من أجل التوقيع على طلب تشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول واقعة استيراد الغازوال الروسي وما ارتبط بها من شكوك بخصوص مدى شفافية العملية وسلامتها ومشروعيتها، وذلك بناءً على أحكام الدستور، والقانون التنظيمي المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، وكذا على النظام الداخلي لمجلس النواب.
وأكدت رسالة قوى المعارضة لأعضاء مجلس النواب، الموقعة من طرف رؤسائها، أن هذه المبادرة ترمي إلى استيضاح ملابسات وحيثيات الموضوع من طرف مجلس النواب، بغاية أن تُتخذ الخطوات اللازمة فيما بعد، من طرف السلطات المعنية، كلٌّ من موقع مسؤوليتها واختصاصاتها، وفي إطار ما يتيحه الدستور والقانون، من أجل طمأنة الرأي العام في حال انتفاء الشبهات، أو من أجل ترتيب الآثار الضرورية في حال ثبوتها.