بعد المجهودات المضنية التي قام بها حزب العدالة والتنمية في تحسين ظروف الريع وتقوية دعائم الفساد. وبعد عشر سنوات من العمل الخرافي والدؤوب لهلك الحرث والنسل. آن الأوان لكي يُريح ويستريح. أما الأسطوانة المشروخة التي ظل حزب العدالة يرددها من كونه الحزب الأقل سوءً فلم يعد يصدقها أحد. بدليل أننا قضينا عقودا طويلة برفقة كل الأحزاب تقريبا ولم يمسنا السوء الذي أصابنا في عهد قواد “الإصلاح”.
لقد صرح الذكي الألمعي لحسن الداودي، مخترع حل إشكالية السيولة بطبع مزيد من النقود. في ولاية حزبه الأولى بأن الشعب ذكي لأنه صوت لصالح العدالة والتنمية. والتساؤل المشروع: هل سيظل الشعب ذكيا إلى يوم القيامة حتى ينعم أصحاب المشروع الإسلامي بالخلود على كرسي ليس بخالد؟ أم أن الشيطان اللعين سيوسوس له بالتصويت على “حماة العقيدة”؟
اجتثاث حزب العدالة من المشهد السياسي يحتاج عملا ثقافيا جادا
من المفيد أن نقر بأن اجتثاث حزب العدالة من المشهد السياسي يحتاج عملا ثقافيا جادا وحركة فكرية دؤوبة. إنْ على مستوى كثافة المجهود المبذول وقوته أو على مستوى نوعيته وطبيعته. كما يحتاج إلى رؤية ثاقبة وبصيرة نافذة. وهنا فقد مناهضو حزب العدالة والتنمية البوصلة وضلوا الطريق. فتهجموا على صحيح البخاري من غير علم. وَكَالوا التهم لكثير من علماء الأمة من غير تدقيق. وانتقدوا التراث من غير بينة أو تمحيص. وتعاملوا مع التاريخ الإسلامي بانتقائية بغيضة وتحيز منقطع النظير. وهذا ما ساهم في كل مرة في التفاف الشعب حول الحزب المعلوم من جديد، بعدما كاد أن ينفض عنه الجميع.
من الإنصاف أيضا أن نشير إلى أن حزب العدالة لو التزم بِعُشر مِعشار ما جاء في صحيح البخاري من نبذ الدنيا وزخرفها. والنهي عن طلب الكرسي الزائل والتمسك بأهدابه. والوعيد لمن ملأ الأرض جورا وظلما وفسادا. لما أصابنا عُشُر مِعشار ما قاسيناه مع حكومة السوء هذه. مما يشير إلى أن معركة اجتثاث حزب السوء لا يقوم على مراجعة التراث. بل يقوم أساسا على عدم الدعوة إلى مراجعته خصوصا عند اقتراب موعد الانتخابات.
لقد أخبرنا المقرئ أبو زيد الإدريسي في لقاء مع الطلبة قبل ثلاثين سنة، وقد كنت حينها المسؤول النقابي للفصيل الطلابي التابع لحركة التوحيد والإصلاح في جامعة محمد الأول بوجدة. بأن عبد الكريم مطيع، رئيس حركة الشبيبة الإسلامية، كان يرسل التلاميذ لحرق المساجد والعبث بالمصاحف في الثانويات لإلصاق التهمة باليساريين من أجل إيداعهم السجن والتخلص منهم. لذا، لن أستغرب إذا ما تبين في يوم من الأيام بأن قيادات العدالة والتنمية. والتي نهلت من المعين “الصافي” للشبيبة الإسلامية. مَن كانت، في كل مرة، مِن وراء إثارة موضوع تغيير أحكام الإرث وأحكام الزواج والطلاق قبيل الانتخابات. حتى يبدو الأمر وكأن الدين في خطر، والشريعة في مرمى سهام “أعداء الشريعة”. مما سيجيش عواطف الشعب المسكين للتحرك قدما في دعم “كهنة المعبد” و”حراس العقيدة”.