أعلنت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، أن المغرب يعتزم استثمار نحو 120 مليار درهم في قطاع الطاقة بحلول سنة 2030، مع تخصيص ما يقارب 80% من هذا المبلغ لمشاريع الطاقة المتجددة. تصريحات الوزيرة، التي جاءت خلال مقابلة مع قناة “بلومبيرغ” وفي إطار مشاركتها بالقمة الدولية لأمن الطاقة بلندن، تطرح العديد من الأسئلة حول مآلات هذا التوجه ومدى قدرته على مواجهة التحديات القائمة.
بحسب المعطيات المقدمة، يسعى المغرب إلى إضافة 15 جيغاواط من القدرات الإنتاجية المستدامة خلال السنوات المقبلة، في محاولة لرفع حصة الطاقات المتجددة إلى 52% من إجمالي القدرة المنشأة بحلول عام 2026، متقدمًا بذلك عن الجدول الزمني الأولي الذي كان محددًا لسنة 2030.
الحديث عن تسريع وتيرة التحول الطاقي يعكس بلا شك تطلعات واضحة لتأمين مصادر طاقة نظيفة ومستقرة. إلا أن هذه الأهداف، رغم طموحها، تظل مشروطة بقدرة المملكة على تأمين التمويل الكافي، ومواكبة التقنيات الضرورية، وتجاوز العقبات المتعلقة بظروف السوق الدولية والتقلبات الجيوسياسية.
من جهة أخرى، يواصل المغرب الاستثمار في مشاريع الغاز الطبيعي باعتباره خيارًا انتقاليًا يرافق التحول نحو الطاقات البديلة. مشاريع البنية التحتية، التي تشمل ربط الشبكة الوطنية بمشروع أنبوب الغاز الأطلسي الإفريقي، تسعى إلى تأمين مصادر بديلة للطاقة على المدى المتوسط، وسط رهانات لا تخلو من تعقيد بالنظر إلى السياق الإقليمي والدولي.
تصريحات الوزيرة بشأن قدرة المغرب التنافسية في مجال الهيدروجين الأخضر تفتح بابًا للنقاش حول الإمكانيات المتاحة بالفعل مقارنة بالتحديات التقنية واللوجستية المرتبطة بنقل الجزيئات وتصديرها نحو أسواق أوروبا.
أما في ما يتعلق بالتحديات الجيوسياسية، فقد أكدت بنعلي أن المغرب ماضٍ في تنفيذ استراتيجيته كما وُضعت عام 2009، مستندًا إلى تجربة طويلة في جذب الاستثمارات والتعامل مع المؤسسات الدولية. غير أن القراءة المتأنية للمشهد الطاقي الدولي توحي بأن الحفاظ على وتيرة المشاريع المعلنة سيتطلب قدرة أكبر على التكيف مع المتغيرات المفاجئة، سواء على صعيد الأسعار أو على صعيد المنافسة المتزايدة على الموارد.
في المحصلة، تطرح المعطيات المقدمة رؤية متفائلة لمستقبل التحول الطاقي بالمغرب، لكنها تظل بحاجة إلى تتبع عملي دقيق لمعرفة إلى أي حد سيتمكن المغرب من تحويل طموحاته الطاقية إلى إنجازات واقعية، في بيئة عالمية تتسم بالكثير من التوتر والمنافسة.