الحدث بريس:عماد أوحقي.
يعد المهرجان الدولي للرحل، التظاهرة السنوية متعددة التخصصات التي تدعو إلى الاحتفاء بغنى وتنوع ثقافة الرحل، حدثا ثقافيا واقتصاديا يخلق دينامية محلية، ورافعة حقيقية للتنمية، وفرصة للنهوض بالسياحة في جهة درعة تافيلالت.
ويفسح مهرجان الرحل المجال أمام شباب المنطقة للانخراط بقوة، حيث تشهد هذه التظاهرة الثقافية، منذ انطلاقها، مرور أزيد من 2500 من الفاعلين، وتسجيل مشاركة سنوية بمعدل سبعة آلاف زائر كل أمسية من داخل المغرب وخارجه، ما يساهم في إشعاع المنطقة وفك عزلتها، فيما ينتظر مشاركة 24 ألف زائر هذه السنة.
وتحول المهرجان، على مدى ستة عشرة سنة، إلى محط أنظار صحافة العالم، فهو موعد متميز يبرز نمط حياة تقليدية تتأقلم مع محيط يتميز بثقافته وعاداته العريقة، كما يشهد على تمسك ساكنته بجذورها وتاريخها والتي تتطلع إلى مستقبل أفضل لأبنائها في هذه الواحة المذهلة بوادي درعة بوابة الصحراء.
وفي الوقت الذي تهتم فيه المملكة المغربية، أكثر وأكثر، بعمقها الإفريقي، فإن المهرجان الدولي للبدو الرحل من شأنه أن يساهم بقوة في توطيد هذه الأواصر عبر الثقافة المشتركة، إذ يحرص المنظمون كل سنة على جلب فرق وفنانين من مختلف أنحاء القارة، إيمانا منهم بأن تنمية القارة تأتي أولا عبر تعزيز الجهود المشتركة على كافة الأصعدة، وفي مقدمتها البعد الفني والثقافي، اللذان لهما بالضرورة انعكاسات اقتصادية على المنطقة.
وأفاد المنظمون، في هذا الصدد، بأن الدورة السادسة عشر للمهرجان الدولي للرحل، التي ستنظم هذه السنة من رابع إلى سادس أبريل الجاري، ستتميز ببرنامج متنوع وغني بالأنشطة الفنية والثقافية، من خلال إقامة العديد من الفعاليات الفنية والثقافية والتقليدية مثل فنون الخشبة، وأوراش ومعارض وسباق الإبل وهوكي الرمال، مشيرين إلى أن دورة 2019 تعلن عن تحد جديد : “معا نعمل على إحياء تاريخ أبواب الصحراء ملتقى الطرق والقوافل، ذات الحمولة التاريخية المهمة، لنجعل من واحة محاميد الغزلان واحة سلم قادرة على استقبال جميع الأحلام وجميع الآمال جاذبة لكل محبي الصحراء”.
كما أن هذه الدورة، المنظمة تحت شعار “التعارف والاكتشاف والتبادل”، ستشهد أزيد من خمسة عشر حفلا موسيقيا وأمسيات، يحييها كل من مهدي نسولي، الشاب الموهوب الذي خالط في مساره كبار المعلمين في المغرب، والذي يعتبر وريث التقاليد الكناوية، وكذا الشيخ تيديان سيك، الفنان المبدع، الذي يمزج بين موسيقى الجاز والموسيقى الإفريقية ويشعل المنصات الباريسية والمالية، والمغنية الجزائرية حسنة البشارية ذات الصوت العميق والهادئ، التي تعد أول امرأة ولجت مجال الموسيقى الكناوية التي تتسم بكونها حكرا على الرجال.
ويشارك في هذه الأمسيات، حسب المنظمين، فنانون مشهورون آخرون من قبيل نعمان لحلو، نجم الأغنية المغربية المعاصرة، وتكريست نكال وعبد الله أومبادوكو أسطورة موسيقى الطوارق الذي يعود إلى المنصة بعد سنوات من الغياب، وماريا سيغا، الشابة الموهوبة مؤلفة وملحنة سينغالية وحاصلة على العديد من الجوائز، إضافة الى الأخوين نبيل ومانو عثماني، الجديرين بخلافة الفقيد بالي العثماني، وثلاثي بنكادي عازفو إيقاعات من بوركينافاسو، ومجموعة باليه ليزيبا ذات الإيقاعات المفعمة بالحيوية من الكونغو، وملال المغني الملتزم الأمازيغي. ومانينا بشعرها وغنائها الصحراوي الأمازيغي، فضلا عن مجموعات ولاد محاميد المحلية (شباب الرحل، أجيال تركالت، أجيال محاميد الغزلان، نجوم الصحراء، وآخرون…).
ويكمن جوهر هذه الدورة، التي سيتم خلالها تكريم فنانين دوليين ومغاربة مرموقين، واكتشاف فنانين ناشئين، وفقا لمديره، في تسليط الضوء على قيمة تراث رحل الصحراء، وتجديد الحظات الساحرة كل سنة وأيضا دعوة المسافرين من المغرب ومن العالم أجمع إلى اكتشاف واحة محاميد الغزلان وصحراءها الرائعة.
ويعد المهرجان الدولي للرحل، الأول من نوعه في الجنوب المغربي، ثمرة تعاون بين جمعية رحل العالم، والمجلس الإقليمي لزاكورة ووزارة الثقافة، ويشكل منذ 16 سنة مرجعا دوليا في مجال التنوع الثقافي والانفتاح على العالم.