الحدث بريس:مصطفى مسعاف.
كغيره من البلدان المغاربية أو العربية، يعرف المغرب ظاهرة البطالة في صفوف الشباب الحامل للشهادات، وهي مجموعة من الشباب أنهوا دراساتهم الجامعية دون أن يتمكنوا من الحصول على وظيفة. واستثناء يعرف ظاهرة أخرى أصعب، وهي تلك البطالة التي يعانيها حاملو الشهادات من المكفوفين.
هنا الرباط العاصمة، وعلى طول الشارع الرئيسي للمدينة، قبالة المؤسسة النّيابية، تجدهم موزعين على طول الشّارع، شباب من النساء والرجال، ألفَ أهل الرباط وزوارها رؤيتهم وأصبحت مسألة عادية بالنسبة لهم؛ لكن الأمر غير ذلك، فصورتهم تلك ليست طبيعية ولا ينبغي التعايش معها وكأنها من تجهيزات شارع محمد الخامس.
منذ عام 2012، ضاعفت الحكومة جهودها أمام الاحتجاجات المتزايدة للمكفوفين وضعاف البصر؛ ولكن دون أن يؤدي ذلك إلى إجراءات ملموسة.
وفي عام 2016، صدر قانون لدعم نص موجود بالفعل يرجع تاريخه إلى 1997، يقضي بأن على أي شركة لديها أكثر من ثمانية موظفين أن يكون لديها حصة 7 في المائة من الموظفين ذوي الإعاقة، وهذا القانون صعب التطبيق حسب اعتراف السلطات.
مجموعة من المكفوفين صرّحوا “للحدث بريس” بأنهم راسلوا، منذ سنة 2011، قطاعات ومؤسسات حكومية عديدة، بغية إيجاد حلّ جذري لمعاناتهم، “راغبين في دخل يضمن العيش بكرامة وعزة داخل الوطن” بحسب تعبيرهم.
عام 2018، نظّم مجموعة من المكفوفين اعتصاما على سطح مقر وزارة الأسرة والتضامن والتنمية الاجتماعية. وخلال هذه الحركة الاحتجاجية، سقط متظاهر كفيف من السّقف ومات، صابر الحلوي المجاز في علم الاجتماع من جامعة القاضي عيّاض بمراكش.
ياسين عن مجموعة الوحدة للمكفوفين المعطّلين يقول: “بعد وفاة صابر، أخرجت الحكومة مباراة للتوظيف حددت العدد في 50 منصبا.. للأسف، الرقم لا يكفي لتوظيف العدد الكبير الذي يفوق 450 شخصا من المكفوفين المعطلين، ولا يحلّ مشكلتنا بصفة جذرية”.
في السياق نفسه، يضيف جمال، عضو في التنسيقية الوطنية للمكفوفين المعطَّلين حاملي الشهادات، إن “الحكومة وعدتنا بحل مشكلتنا، وإدماجنا بصفة مباشرة”، موردا: “بعض رؤساء الفرق البرلمانية وعدونا بأنهم سينزلون معنا إلى الشوارع للنضال إذا لم نتلق حلّا من الحكومة”.
هؤلاء المكفوفون يخوضون، منذ 2011 إلى الآن، أشكالا احتجاجية مختلفة؛ من بينها جلوسهم طيلة النهار في الشارع، حتى أصبحوا في نظر الجاهلين لقضيتهم “متسوّلين”.
في هذا الصدد، يقول جمال: “نحن لسنا بمتسوّلين، درسنا ونحمل شهادات ووقوفنا هنا منه احتجاج وتعبير عن يأسنا، ومنه إعالة لأنفسنا ببيع المناديل للمارّة”.
يذكر أن المكفوفين قد سبق أن رفعوا تظلماتهم إلى جهات حقوقية دولية، مطالبين بالتدخل العاجل “للوقوف عند الإقصاء الذي تعرضوا له والقمع الذي ووجهوا به”؛ فقد راسلوا كلا من الأمم المتحدة، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية، علاوة على مؤسسات ولجن حقوقية أخرى.
وأبرزوا عبر نص المراسلة أن “الحكومة المغربية فجرت فضيحة إنسانية من العيار الثقيل ضد المكفوفين المعطلين بنهج سياسة التجويع والقمع أثناء الاعتصام الذي خاضته التنسيقية الوطنية للمكفوفين المعطلين منذ 5 أيام بالطابق الرابع لملحقة وزارة التضامن بالرباط”، ومشددين على أن مرد احتجاجهم “يأتي لأن حكومة صاحب الجلالة لم تفِ بكل الوعود التي قطعتها تجاههم، ولا تريدهم أن يعيشوا بكرامة”، وفق ما جاء في المراسلة.