في أول نشاط علمي لها، نظمت مؤسسة علي يعتة صباح اليوم السبت 28 أكتوبر ندوة أكاديمية حول موضوع “الفوارق المجالية وأثرها على الشعور الوطني”.
مولاي اسماعيل العلوي رئيس مؤسسة علي يعتة افتتح اللقاء الذي احتضنته إحدى قاعات المكتبة الوطنية بالعاصمة الرباط، بطرح أرضية النقاش حول موضوع الفوارق المجالية والشعور الوطني الذي قال إن المؤسسة اختارته عنوانا للندوة بالنظر للسياق الدولي الذي أصبح يرفع الشعار الوحدوي بفعل تنامي بعض النزعات الانفصالية لمجموعة من المناطق بالعالم.
وأوضح العلوي الذي سير أطوار اللقاء أن الشعور بالانتماء الوطني أضحى يعرف خفوتا نتيجة الشعور بعدم الرضا في توزيع الثروات أو نتيجة تراكمات تاريخية كالصراع القائم بامريكا بين “البيض” و”الزنوج”.
واعتبر العلوي أن الرفاهية من العوامل المقوية للشعور الوطني حيث أن التكافؤ المجالي يساهم في تعزيز هذا الشعور وترسيخه بين مكونات كل جهة، بالاضافة الى الشعور بالتضامن الذي يقوي بدوره هذا الإحساس. وعكس ذلك يؤكد العلوي أن الشعور بالفرق بين الجهات يؤدي الى خفوت الشعور بالانتماء الوطني.
الى ذلك أجمع الأساتذة المتدخلون في اللقاء، الذي حضره عدد من الأساتذة والمهتمين من سياسيين وفعاليات جمعوية وطلبة، أن الشعور الوطني يعرف خفوتا بفعل المؤثرات الاجتماعية والتدبير السياسي لمجموعة من الملفات.
في هذا السياق قدم الاستاذ محمد حاتمي أستاذ التاريخ الراهن بجامعة سيدي محمد بنعبد الله بمدينة فاس عرضا تاريخيا حول الشعور الوطني وكيف كانت الجماعات تعززه بناء على الانتماء المجالي أو العرقي أو غير ذلك.
وأوضح الاستاذ حاتمي أن الشعور بالانتماء الوطني في المغرب عرف أوجه أيام الاستعمار مع المحاولات الفرنسية لتقسيم المغاربة عقب إصدارها للمرسوم البربري، مؤكدا على أن هناك حاجة اليوم لروح وطنية عالية كتلك التي كانت في السابق.
نفس الطرح دافع عنه الاستاذ علي بوعبيد نجل المناضل الراحل عبد الرحيم بوعبيد، حيث نبه في مداخلته الى خفوت الشعور الوطني بفعل السياسات العمومية والبرامج الموجهة لكل جهة التي قال انها تكرس لمفهوم “الفوارق المجالية”. داعيا في هذا الإطار الى تجنبها وضرورة النهوض بالشعور الوطني وتعزيزه من خلال خلق تكافؤ بين الجهات من حيث البرامج الاجتماعية وكذلك من حيث البرامج الاقتصادية.
من جهته أكد الاستاذ ناصر القادري على أن الاقتصاد يلعب دورا أساسيا في ترسيخ الشعور الوطني وتعزيزه، مشيرا في هذا السياق الى ان فكرة إحداث صندوق التوازن المجالي، الذي يهدف الى تقليص الفوارق المجالية من خلال دعم الجهات الغنية للجهات الفقيرة، “تعطي إحساسا بالتضامن والوحدة بين مكونات المجتمع”.
لكن المتحدث أبرز أَن هناك احتمال حدوث نتائج عكسية لفكرة الصندوق، حيث يترتب عتها “إحساس بالغبن” نتيجة تحمل جهة غنية لنفقات جهات فقيرة، وهو أمر يؤدي الى نشوب نزعة انفصالية كما حدث في كتالونيا مثلا التي اختارت الانفصال عن اسبانيا بالنظر لكونها جهة غنية في حين أنها تدفع ضريبة فقر مجموعة من الجهات الاخرى خصوصا في الجنوب.
هذا الطرح اتفق معه أستاذ علم الاجتماع سعيد بنيس الذي قال إن التقسيم المجالي يجب ان يقوم على أساس هوياتي أكثر منه اقتصادي تجاوزا للحسابات المادية.
وشدد المتحدث على أهمية إيلاء الاهتمام للجانب الثقافي لكل جهة من أجل خلق احساس وطني قوي رغم أن الامر يحتمل نتائج عكسية كذلك، اذ من الممكن أن يؤدي بدوره الى نزعة انفصالية عرقية، لكنه استدرك بالقول إن التركيز على الجانب الهوياتي يعطي شعورا بالانتماء للجهة ومن ثمة للوطن خصوصا إذا ما كانت الدولة تعمل على خلق تكافؤ مادي بين جميع الجهات.
كما قدم المتحدث عرضا حول الشعور الوطني الذي خلص الى انه يعاني من خفوت نتيجة التنشئة من جهة ونتيجة الإحساس ب”الحكرة المجالية” من جهة أخرى.
يذكر أن هذا النشاط هو الاول من نوعه لمؤسسة على يعتة التي خرجت للوجود قبل أشهر، حيث تراهن المؤسسة حسب رئيسها مولاي اسماعيل العلوي على خلق نقاش حول مجموعة من القضايا ذات الراهنية سواء منها الاجتماعية او الاقتصادية، مؤكدا على أن المؤسسة ستعمل على تنظيم ندوات دورية هدفها الخروج بتوصيات والمساهمة بها لحل العديد من الإشكاليات المطروحة على المستوى الوطني والدولي.