لم يختلف البرنامج الحكومي الذي قدمه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة مساء أمس (الأربعاء) أمام أعضاء مجلسي البرلمان في جلسة مشتركة، عن سابقيه اللذين قدمهما بنكيران وهو يقود الحكومة، مع تسجيل بعض الفوارق البسيطة في تحديد نسبة النمو وتخفيض نسبة البطالة وإصلاح صندوق المقاصة.
وكشفت مصادر حكومية ل”الصباح”، أن البرنامج الحكومي الذي صودق عليه في أول اجتماع للمجلس الحكومي المنعقد يوم أمس (الأربعاء)، والمحال في الوقت نفسه، على البرلمان من أجل نيل الثقة، تأسس على خمسة محاور كبرى، فيها ما هو مؤسساتي وما يهم الحريات وحقوق الإنسان، وإصلاح الإدارة، والاهتمام أكثر بالبعد الاجتماعي والاقتصادي.
وأكدت المصادر نفسها، أن نسبة النمو لن تكون رقما قارا، وحددت ما بين 4.5 و5.5 في المائة طيلة الخمس سنوات التي سيقود فيها سعد الدين العثماني الحكومة في حالة ما كتب له أن يستمر طيلة هذه المدة الزمنية، ولم يتعرض إلى “مكروه” من داخل حزبه التي تسعى بعض الجهات المنتمية إليه، إلى سحب البساط من تحت أقدامه، من خلال تغذية السموم، ونشر الشائعات، وتسريب أخبار لا أساس لها من الصحة.
وبخصوص موضوع البطالة، فإن التوجه العام كما اتفقت على ذلك اللجنة المختلطة التي تولت تجميع وصياغة البرنامج الحكومي، هو خفضها من 9.5 إلى 8.5 في المائة، والعمل على ربح نقطة واحدة، رغم أنها ستكون غير كافية، مقارنة مع “جيش” العاطلين في بلادنا، فإنها على الأقل ستخفف نسبيا من ظاهرة العطالة. ووضع البرنامج الحكومي، نسبة ثلاثة في المائة، خطا أحمر للتضخم، إذ ستناضل الحكومة بجميع أعضائها، على جعل التضخم يبقى في حدود هذه النسبة، وألا ينزل عنها، وتقليص عجز الميزان التجاري إلى نسبة ثلاثة في المائة.
وعكس بنكيران، اعتمد العثماني على منهجية جديدة في إعداد البرنامج الحكومي، ففضلا عن تصورات وبرامج أحزاب الاغلبية، والنقاش الحاد الذي حصل داخل لجنة إعداد البرنامج، فإن رئيس الحكومة، طلب من كل وزير في حكومته بمده ببرنامجه الخاص، وكيف يرى الأمور، كما اعتمد كثيرا على مقترحات الوزراء غير المنتمين للأحزاب، وأخذ بتصوراتهم، ودمجها في برنامجه الحكومي الذي عرضه على البرلمان من أجل الحصول على تأشيرة المرور، طبقا لأحكام الدستور، خصوصا الفصل 88 منه.
وتعبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح البرنامج الحكومي.
وركز البرنامج الحكومي على ضرورة التقليص من نسبة الأمية، و الرفع من مساهمات الدولة في البحث العلمي، وإحداث منتوج سكني للطبقة المتوسطة، وتقليص وفيات النساء أثناء الولادة. وركز أيضا على توجه المغرب نحو إفريقيا، لأول مرة بعد توقيع المغرب عشرات الاتفاقيات مع عدد من دول إفريقيا جنوب الصحراء، إضافة إلى التأكيد على الشراكة الاستراتيجية مع أصدقاء المغرب الأفارقة. وعكس ما روج له خصوم العثماني، فإن البرنامج الحكومي حافظ على السياسة الاجتماعية، المجسدة في دعم الفئات الهشة، سيما الأرامل و المطلقات.
وراجت أنبــاء داخل قيــادة “بيجيــدي”، تفيد أن أخنــوش تشبث برفــــع الدعــم عــن هــذه الفئــات الاجتمــاعية، وهو ما نفاه ممثل “الأحرار” في لجنة إعـــداد البرنامج الحكومي. ومن المنتظر أن يكون العثماني عقــد بعد تقديمه البرنامج الحكومي في مقر رئاسة الحكـــومة اجتمــاعا مع زعمـــاء الأغلبيـة، ورؤساء فرقها النيابية لوضع خريطة كيفية مناقشة البرنامج الحكومي، والرد على المعارضة.
عبد الله الكوزي