الحدث بريس:يحي خرباش.
هناك مثل إنجليزي يقول ،عندما تقع في حفرة فإن أول شيء تفعله هو التوقف عن الحفر، لكن يبدو أن رئيس مجلس جهة درعة تافلالت لم يسمع بهذا المثل ،وحتى لو سمع به فإنه يفعل عكسه تماما في حالة من العناد، الرئيس يقع حاليا في أكثر من حفرة أولها فقدانه للأغلبية مرورا بضياع 4 دورات متتالية ضمنها عدم اعتماد ميزانية 2020،واخرها ملفات الفساد التي تلاحقه بمحكمة جرائم الأموال بفاس،قد لا نعلم إلى أين يتجه مصير المجلس، لكن ما لا يخفى على الرأي العام ،أن الرئيس ضيع على الجهة فرصا عديدة للتنمية وبات المجلس نموذجا للمجالس الفاشلة وطنيا وأضحى حديث كل لسان، فبلغة الأرقام يكون الشوباني قد قفز إلى المرتبة الأولى في تصنيف المجالس الجهوية المساهمة في صندوق محاربة اثار جانحة كورونا التي تصدرت بلاغا يحمل مساهمة مالية تقدر ب10 ملايير سنتم ،وتخصيص مساحة عريضة للترويج له في الفضاء الازرق ،وفي بعض الجرائد والمواقع الالكترونية ،غير أن واقع الأمر يعكس غير ذلك ، إذ ما من سياسي عاقل يصدر بلاغا يحمل في طياته الكثير من النقط التي لا علاقة لها بمذكرة وزير الداخلية في غياب الاعتمادات المالية وبسب عدم توفر المجلس على ميزانية 2020،وفي اتصال مباشر مع أحد أعضاء المجلس حول مبادرة الرئيس في البلاغ ،صرح لنا بأن هذا البلاغ يحمل في طياته كلام عار من الصحة ،إذ لم تتم استشارة المجلس كما يدعي ذلك ،فكان لا بد من توضيح بعض الأمور وفحصها حتى يكون الرأي العام على بينة من الامر، ونطلع الساكنة على بعض الحقائق التي أبانت عن وعي كبير وثبات في الانضباط لحالة الطوارئ الصحية التي نهجتها الدولة المغربية كأسلوب فعال وناجح لحماية صحة المواطن والوطن، فكم من فاعل خير جنح لفعل الخير دون إصدار بلاغ ،جنود برهنوا عن حبهم لوطنهم قولا وفعلا بالمساهمة الحقيقية في صندوق محاربة اثار هذا الوباء ولا داعي لذكر الرئيس بالمبالغ الكبرى التي وضعها الملك محمد السادس رهن إشارة هذا الصندوق كما أنه لا يخفى على الرئيس اللائحة الكاملة للمساهمين الغيورون على بلدهم ووطنهم وعلى رأس القائمة الملك محمد السادس في هذا الصندوق ،حقا مبادرة أبهرت قادة الدول الكبرى.
وبالرجوع الى بلاغ الرئيس، فإنما القصد من تقديم المساعدة بما سمحت به وزارة الداخلية في مذكرتها التي عممت على جميع الولاة والعمال بالمغرب هو دغدغة مشاعر الساكنة لا أقل ،مستغلا الازمة الحالية التي يمر منها المغرب ،يسارع الزمن لتعويض ما فاته في الدورات السابقة الموؤودة فجعل من البلاغ مطية لقطع الطريق على كل الخصوم وعلى كل من يشكك في نواياه، دون أن يعي الأخطاء الفادحة المتضمنة في بلاغه ،والتي نأتي على ذكرها كما يلي
-المبلغ المالي الذي ورد في بلاغ الرئيس لا يقتصر على محاربة اثار الجائحة كما ورد في مذكرة وزير الداخلية الموجهة إلى ولاة وعمال أقاليم المملكة بتاريخ 25 مارس 2020 ، بل تعداه إلى حدود إضافة نقط أخرى لا علاقة لها بالموضوع وليست ذات طبيعة استعجالية ،كالتعاونيات ودعم المقاولات التي تشرف عليها لجنة اليقظة الاقتصادية التي تم تأسيسها خصيصا لدعم المقاولات والاجراء والعاملين في القطاع الغير المهيكل وإنما الغرض منها التشويش على كل الجهود التي بذلتها الدولة في هذا المجال بينما لم يقدم الحزب الذي يقود الحكومة أدنى مبادرة ،حيث اكتفي رئيس الحكومة باطمئنان المغاربة بتصريح متذبذب ،ويعلم الله لو عمل المغاربة بنصيحته لحلت الكارثة العظمى.
– بلاغ الرئيس يحمل نوايا ملغومة الغرض منها رمي الكرة في ملعب الخصم ،بالركوب على مذكرة الوزير دون فهم السياق والاطلاع عليها جيدا ،محاولا استدراك ما فاته من مشاريع في الدورات المنسية ، إذ كيف يقدم الرئيس على دعم مؤسسة التعاون الوطني في غياب وزارة التضامن والاسرة التي تعتبر صاحبة الشأن في هذا المجال؟
– مبادرة رئيس الجهة ما كانت تلجأ إلى إصدار بلاغات على اعتبار أن الظرف لا يحتاج للترويج للتفاهات واستغلال ماسي المواطن تحقيقا لمارب سياسية وأهداف انتخابية أكثر مما نحن في أشد الحاجة إليه لبث روح التضامن التي عبر عنها المغاربة بوعي كبير وراء قائد البلاد الملك محمد السادس في هذا الظرف العويص.
– نستغرب لرئيس يمضي أوقاته في تحرير البلاغات الفارغة ،في حين تقتضي مسؤوليته التواجد بمقر عمله الذي يتقاضى مقابله مبلغا سمينا يقدرب55000 الف درهم لمراعاة شؤون الساكنة وتقديم يد العون للسلطات والاطقم الطبية الساهرة على ضمان السلامة الصحية للمواطن بكل روح وتفان.
-كيف لمجلس بدون ميزانية 2020 برمجة اعتمادات مالية خارج الاجراءات المعمول بها في تنفيد الميزانية ، والحال أن الرئيس لا يوجد في وضعية تمكنه من توفير هذا الاعتماد المالي ،بل بلغ إلى استنفاد كل جهود التعاون وضياع جميع الفرص التي تمكنه من التجاوب مع مذكرة وزارة الداخلية وتنزيلها على أرض الواقع إسوة بالمجالس الجهوية الأخرى.
نحن اليوم أمام معركة لا تتطلب إصدار البلاغات ورفع الشعارات بقدر ما نحتاجه لدعم حقيقي يزرع الامل في قلوب المواطنين ومد يد المساعدة بكل ما جادت به الايدي ،فإلى الذين يضحون بحياتهم من أجل إنقاذ الآخر ويسهرون على سلامة صحة المواطن نقول لهم هنيئا لكم بما كسبت أيديكم فقد ربحتم حب الوطن وكسبتم حب المغاربة ،أما المستهترون بوطنهم فما من قول أصدق من قول الاديب الكبير نجيب محفوظ “إنهم كذابون …كذابون…كذابون…ويعلمون أنهم كذابون…ويعلمون أننا نعلم أنهم كذابون…ومع ذلك فهم يكذبون بأعلى صوت…ويتصدرون القافلة” !