مخطئ من يظن بان المغرب قد تجاوز مرحلة الخطر عندما خرجت حركة 20 فبراير إلى الشارع مطالبة بإسقاط الفساد بكل أنواعه توج ذلك بخطاب ملكي حكيم كذب جميع التكهنات , وذلك بالإعلان عن ميلاد دستور جديد ,يجدد الارتباط بالملكية الدستورية ويعيد للشعب ثقته بالمؤسسات الدستورية, غير انه ومنذ ذلك التاريخ, مرورا بالمحطات التي قطعها المغرب , من انتخابات جماعية ونيابية , والإعلان عن التقسيم الجهوي الجديد كجماعة ترابية راهن عليها المغاربة بقوة , في تحقيق التنمية ورفع الحيف عن مجموعة من الأقاليم والمدن التي لم تشملها هذه التنمية والقصد هنا الاستفادة من المشاريع الملكية التي أطلقها ملك البلاد بمجموعة من المدن والأقاليم المغربية.بحيث قطعت عدة مدن وجهات أشواطا متقدمة في التنمية الحضرية بل أصبحت بعض المدن الكبرى تضاهي مثيلاتها بأوروبا في حين بقيت أخرى تعيش تحت عتبة الفقر ولا أدل على ذلك جهة درعة تافلالت التي تجسد هذا النموذج الواقعي والحي للتخلف والفقر بأرقام واضحة ومعبرة .
إن هذه الحركات الاحتجاجية ومن قبلها احتجاجات حركة 20فبراير التي شهدنها منطقة العالم العربي بصفة عامة ,جاءت كما سبق الذكر نتيجة تعطيل في بعض المؤسسات الدستورية وعجزها عن الاستجابة لمطالب القوى الاجتماعية و تفشي الفساد بالإدارة المغربية الذي يكلف المغرب كثيرا , كما جاءت هذه الحركات لإعادة الاعتبار للفعل السياسي كفعل اجتماعي قادرة على خلق دينامكية جديدة داخل الفئات والطبقات الاجتماعية,بل أن الاعتقاد السائد لدينا بان الرهان على دستور 2011 سيشكل منعطفا جديدا في تاريخ المغرب السياسي , بالقطع مع الدساتير السابقة, لم تبلغ هدفها لأنها لم ترافق بمبادرات وازنة تبين نية التغيير المطلوب خاصة فيما يتعلق بملفات الفساد الكبرى والإفلات من العقاب وملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان كخطوة أولى نحو تحقيق إصلاح فعلي, فمع توسع رقعة الاحتجاجات , بدا يزداد التخوف من دخول البلاد في دوامة من القلاقل قد تكلف البلاد ثمنا غاليا,غموض كبير يلف هذه الاحتجاجات وكيفية التعاطي معها , فالبعض يعتبرها مطالب مشروعة , والبعض الأخر يعتبرها تصفية حسابات سياسية وبين هؤلاء واو لائك تضيع الحقيقة,وبدا المتتبع للشأن السياسي المغربي يحمل الدولة مسؤولية التقصير في تدبير هذه الاحتجاجات من خلال إصرارها على تبني المقاربة الأمنية , فضلا عن فقدان الثقة في الأحزاب المغربية وباقي مكونات المشهد السياسي و عجزها في التعاطي معها على الأقل في إيجاد مخرج امن يحفظ لها ماء الوجه,أما م هذا الوضع المعقد وللخروج من هذا النفق المظلم يظل الحديث عن المطالبة بزيارة ملكية وتدخل رئيس الدولة أكثر احتمالا, إلا أن ذاك يستوجب توفير شروط لإنجاح هذا المسعى وربما ستكون ذكرى عيد العرش مناسبة لخطاب قوي يعيد الثقة للمواطنين وبرفع كل لبس في التعامل مع هذه الاحتجاجات بإعادة الأمور إلى حالها الطبيعي, بعدما تأكد للدولة أن طابعها سلمي محض.
سواء إذن تضاربت الآراء حول طبيعة هذه الاحتجاجات,بين مؤيد ومعارض,فإنها قد عبرت عن وعي كبير ونضج عال في مطالبها المرفوعة, هي إذن رسالة قوية لمن يهمهم الأمر يجب فهمها جيدا والتعامل معها بحذر ويقظة من خلال إفساح المجال للمواطن ورد الاعتبار إليه ,فهل يا ترى سيكون ذلك مدخلا لتعديل جديد في الدستور أم أن لأهل الأمر رأي أخر؟
يحي خرباش.
الحدث بريس