أعلنت الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب فرض رسوم جمركية جديدة، وهو ما أثّر بشكل مباشر على الأسواق المالية العالمية. هذه الخطوة أثارت موجة من القلق بين المستثمرين والخبراء الاقتصاديين، حيث يخشى العديد من أن تؤدي السياسات التجارية المتشددة إلى تباطؤ اقتصادي عالمي أو حتى ركود
ويثير هذا التصعيد مخاوف من اندلاع حرب تجارية طويلة الأمد قد تؤثر سلباً على نمو الاقتصاد العالمي. الركود الاقتصادي يُعرَّف كحالة من التباطؤ في النشاط الاقتصادي تتمثل في تقلص الإنتاج والناتج المحلي الإجمالي لفترتين متتاليتين، مدة كل منها ثلاثة أشهر.
انخفاض أسعار الأسهم في الأسواق المالية
وعلى الرغم من أن انخفاض أسعار الأسهم في الأسواق المالية لا يعني دائماً وقوع ركود اقتصادي وشيك، إلا أنه عندما يكون التراجع في قيم الأسهم حاداً جداً، كما هو الحال حالياً، فإن ذلك يشير إلى إعادة تقييم عميقة للأرباح المتوقعة للشركات الكبرى في الأسواق العالمية.
ويقين الأسواق بأن زيادة التعريفات الجمركية سترفع من تكاليف الإنتاج وتقلل الأرباح المستقبلية يعكس منطقية المخاطر الاقتصادية الحالية.
وبحسب تقرير صادر عن “بي بي سي”، فإن الركود ليس حتمياً بالضرورة، لكنه أصبح أكثر احتمالاً بشكل كبير بالمقارنة مع الفترة السابقة لإعلان ترامب عن أكبر وأشمل تعريفات جمركية تم فرضها منذ قرن.
في هذا السياق، أشار الرئيس التنفيذي لشركة “بلاك روك”، لاري فينك، في تصريحات أدلى بها لوكالة “رويترز”، إلى أن استمرار انخفاض أسواق الأسهم الأميركية بنسبة تصل إلى 20% يعتبر احتمالاً وارداً إذا ما استمرت سياسة الولايات المتحدة في فرض تعريفات مرتفعة. وأضاف أن الاقتصاد الأميركي قد يكون بالفعل في حالة ركود.
وأوضح فينك، أثناء حديثه في النادي الاقتصادي بمدينة نيويورك، أن الضغوط التضخمية الناجمة عن السياسات الجمركية الأخيرة تفوق ما كان السوق يتوقعه.
وبالنظر إلى مؤشرات رئيسية لصحة الاقتصاد العالمي، مثل أسعار النحاس والنفط، فقد شهدت تراجعاً واضحاً منذ إعلان التعريفات الجمركية.
وعلى سبيل المثال، انخفضت أسعار النفط بنسبة 2% خلال جلسة الاثنين لتقترب من أدنى مستوياتها خلال أربع سنوات، وسط مخاوف من تراجع الطلب على الطاقة.
ورغم تعافي أسعار النفط بنسبة تجاوزت 1%، إلا أن بنك الاستثمار الأميركي “غولدمان ساكس” توقع إمكانية هبوط سعر خام برنت إلى ما دون 40 دولاراً للبرميل إذا استمرت الحرب التجارية في التصعيد.
وضعية البنوك
البنوك الاستثمارية الكبرى أيضاً رفعت تقديراتها لاحتمالات الركود الاقتصادي نتيجة التصعيد التجاري، إذ على سبيل المثال أشار “جيه بي مورغان” إلى وجود فرصة بنسبة 60% لحدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة والعالم.
مثل هذه التوقعات دفعت المستثمرين إلى الحذر من تراجع إنفاق المستهلكين وانخفاض الطلب على القروض وإبطاء عقد الصفقات التجارية.
هذا التخوف سينعكس سلباً على أرباح البنوك التي قد تضطر إلى تخصيص احتياطيات أكبر لتغطية خسائر القروض المحتملة.
أراء المتداولين في البورصة
تعكس تصريحات العاملين في سوق الأوراق المالية حجم الضبابية التي تسيطر على السوق.
ففي بورصة نيويورك، أشار أحد المتداولين إلى عدم وضوح الرؤية واصفاً الأحداث بالتقلبات المفاجئة التي أذهلت الجميع.
وأضاف أنه يأمل أن يكون لدى ترامب خطة واضحة بالرغم من مخاوفه الشديدة من تداعيات هذه السياسة التجارية.
من جهة أخرى، أعرب أحد المتداولين المخضرمين عن قناعته بأن الركود قد بدأ بالفعل، لكنه أشار إلى أن رئاسة ترامب لن تستمر للأبد، مؤكداً أن أي رئيس أميركي يتسبب في ركود اقتصادي لن يتمكن من الفوز بولاية ثانية ولا سيحصد حزبه النجاح في الانتخابات المقبلة.
بالتالي، يبدو أن التوترات التجارية الراهنة ستظل عاملاً حاسماً في تحديد مسار الاقتصاد العالمي خلال الفترة المقبلة، مع استمرار التقلبات والتداعيات المحتملة على الأسواق والاستثمار.